وثائق: مسيرة الدولة العراقية بعد عام 1921 (الحلقة الاولى)

Sunday 12th of June 2011 05:49:32 PM ,

ذاكرة عراقية ,

حازم فاضل الهاشمي
كان قبل أن يجري العملية بساعات قد عرض على الملك امر يقضي باعتقال (7) من الزعماء العراقيين من قبل السير كوكس الا ان الملك فيصل الاول رفض ذلك وقال له هل تريد مني يا سير برسي كوكس أن يكون هذا الامر اخر اعمالي في الدنيا ان اعتقل ابناء وطني

لا والله هذا غير ممكن وعند ذلك قام المندوب السامي السير كوكس بطي الورقة ووضعها في جيبه وعندما ادخل الملك الى غرفة العمليات استولي كوكس على السلطة في غياب الملك فألقي القبض على الزعماء السبعة ونفاهم الى جزيرة هنجام وهم كل من جعفر أبو التمن وحمدي الباجه جي ومحمد مهدي البصير وعبد الغفور البدري وأحمد داود وامين الجرجفجي وعبد الرسول كبة.قبل ان أشرع في الكتابة في هذا الموضوع اود ان أثبتت المعلومة المهمة التالية عن السؤال الذي يقول لماذا كان يوم تتويج الملك فيصل الأول في يوم 23 آب 1921؟ والجواب الجميل هو ان يوم 23 آب 1921 يصادف هذا التاريخ في الحساب الهجري يوم 18 ذو الحجة 1339 هو يوم ذكري (عيد الغدير) بين عهدين تاريخيين وعيدين ساميين عيد التتويج وعيد الولاية في عيد الغدير.
والآن سوف نثبت جدولاً زمنياً كمفكرة سياسية في تسلسل الايام وصولاً الى يوم نهاية فيصل الاول في تاريخ بعد انتهاء ثورة العشرين.
نهاية فيصل الاول
رغم النجاحات التي حققتها ثورة العشرين الا انها لم تستطع ان تحقق اهدافها كاملة في الاستقلال الكامل وجلاء القوات الاجنبية ولكنها ادخلت العراق السياسي في مرحلة النضوج على طريق بلورة الأفكار السياسية وشعرت الحكومة البريطانية ان الثورة قد كلفت بريطانيا من الاموال والارواح وان السيطرة على العراق وحكمه مباشرة غير مقبول ولا يمكن تحقيقه وذلك.
1ــ يتطلب الامر نفقات كثيرة وازهاق الارواح ويكلف دافع الضرائب البريطاني كلفة عالية.
2ــ وقد يتسبب في احتكاك مع العراقيين قد يؤدي الى ثورات قادمة لا يمكن تلافيها.
3ــ ان الوعود البريطانية تصبح كاذبة وغير صادقة.
4ــ والاسلم والأحسن ايجاد نظام حكم من العراقيين أنفسهم.
وهكذا اضطرت بريطانيا الى تبديل سياستها في العراق ووجدت ذلك ملائما في تكليف السيد عبد الرحمن النقيب تأليف حكومة وطنية برئاسته تمهيداً وتماشياً مع سياستها الجديدة هذا في آخر الامر رأي السير برسي كوكس بصفته المندوب السامي والحاكم السياسي العام و(المس بيل) التي لعبت دوراً كبيراً في سياسة العراق في بغداد في البدء لم يكن هذا ليتم الا في ارسال برسي كوكس من جديد الى بغداد بعد ان انتهت خدمات السيد ارنولد ولسن في العراق.
وقد وصل الى بغداد يوم الاثنين 11 تشرين الاول عام 1920 وأقيم له استقبال شارك فيه الجنرال هولدن والسيد طالب النقيب واصدقاؤه القدامى والقي الشاعر جميل صدقي الزهاوي قصيدة في المناسبة.
عد للعراق واصلح منه ما فسدا
وثبت به العدل وامنح أهله الرغدا
وبعد يومين نشر في بغداد بيان انه سوف تشكل حكومة مؤقتة محلية من بعض العراقيين وان نائب ملك بريطانيا السير برسي كوكس يعلن بأن بلاده قد أرسلته ليشكل حكومة وطنية في العراق (بنظارة) حكومة بريطانيا وهكذا فان تشكيل اول حكومة لعبد الرحمن النقيب كان تمهيداً لتنصيب ملك على العراق ومن ثم تجرى بعد ذلك الانتخابات العامة لتكوين المجلس الوطني التأسيسي وفي 21 تشرين الاول 1920 كانت النية تتجه الى طالب النقيب ولكن الامر استقر على عبد الرحمن النقيب نقيب اشراف بغداد (سني المذهب عربي النسب بغدادي) وكانت الوزارة الاولي للنقيب في تاريخ 25 تشرين الاول 1920 وعقدت اول جلساتها بحضور السير كوكس وصارت تعقد جلساتها مرتين في الاسبوع السبت والاثنين وكان لكل وزير سكرتير انكليزي يقوم بتنظيم ما يريده وفي مشاورته ومشاركته وكان راتب رئيس الوزراء 7000 روبية وللوزير والمستشارين والسكرتير له 3000 روبية ولكن لوزير الداخلية طالب النقيب 5000 روبية.
وقد قسم العراق الى 10 الوية و35 قضاء و85 ناحية وانشئت دواوين بدرجة مدير عام عراقي مثلها مثل المديريات الآن لادارة الدولة للمالية والضرائب والمكوس والحدود والتفتيش والعدلية الى جانب كل مدير ديوان مفتش اداري بريطاني يدير العمل معه وفي مشورته ثم قام السير برسي كوكس بانشاء (مجلس للدولة) تحت اشرافه الي ان يتم تأسيس المجلس الوطني التأسيسي وقد قام نقيب اشراف بغداد برئاسته مع الوزارة التي يرأسها.
الوزارة الاولى للنقيب عبد الرحمن 25 تشرين الاول 1920
عبد الرحمن النقيب رئيساً لمجلس الوزراء
طالب باشا النقيب وزيراً للداخلية
ساسون حسقيل وزيراً المالية
حسن الباجه جي وزيراً للعدلية اعتذر فعين بدل عنه مصطفي الالوسي
مصطفي الالوسي وزيراً للأوقاف
عبد اللطيف المنديل وزيراً للتجارة
عزت باشا الكركولي وزيراً للمعارف والصحة
محمد على فاضل وزيراً للنافعة
جعفر العسكري وزيراً للدفاع الوطني
محمد مهدي آل بحر العلوم الكربلائي وزيراً للمعارف
وأضيف للوزارة 12 وزيراً بلا وزارة وهم حمدي باشا بابان وعبد الجبار الخياط وعبد الغني كبة وعبد المجيد الشاوي وعبد الرحمن الحيدري وفخري الدين ال جميل ومحمد الصيهود وعجيل السمرقد واحمد الصانع وسالم الخيون وهادي القزويني اعتذر ادخل بدلاً عنه نجم البدراوي من العمارة وأخيراً داود اليوسفاني.
عندما وضعت الحرب العالمية اوزارها 1918 كانت بريطانيا قد أخذت حصتها الاستعمارية ومنها احتلال العراق وفي هذه السنة دعيت الدول المنتصرة الى مؤتمر في باريس لوضع شروط الصلح ومعاهدة السلام وهي الدول الخمس بريطانيا وفرنسا وامريكا وايطاليا واليابان وقد شكلت مجلس اعلامها ووزعت في 24 كانون الثاني 1919 البلدان والشعوب فيما بينها على موجب معاهدة سايكس بيكو ولكن الرئيس (ولسن) الامريكي رفض هذا الامر وطرحت فكرة الانتداب بدلاً من الاستعمار وأقرت سنة1920 في 25 نيسان ومنها وضع العراق من جملة الخطط الاخرى لكل بلد له ما له (تحت الانتداب البريطاني) في ان تمنح بريطانيا العراق حكومة تضمن لها في النهاية الاستقلال وادخالها عصبة الامم وتكون تحت الانتداب البريطاني وتحفظ لها في السلم والحرب مسؤوليتها عن العراق في ان يكون في العراق مجلس شوري تحت رئاسة عربي وقانون أساس ومجلس وزراء ولقد كتبت (مسز بيل) ان لفظة الانتداب لفظة بغيضة على الشعوب وعندما عرض الانتداب البريطاني على العراق في عصبة الامم عارضته امريكا وهكذا بدل الامر الى الاستقلال تحت الادارة البريطانية.
وفي 25 حزيران 1921 أعلن ان بريطانيا سوف تقبل في اعلان بعقد مؤتمر في لندن وافقت بريطانيا رغبة منها للتخلص من التبعات المالية والحكم المباشر لها على العراق وان تتفاوض على ترشيح (فيصل) لعرش العراق على ان تعقد معاهدة بدل الانتداب وهكذا تم ترشيح فيصل ملكاً على العراق ففي يوم 23 حزيران 1921 وصل الملك فيصل الاول الى البصرة يحيط به السادة يوسف السويدي ومحمد الصدر وعلى البزركان ومحسن أبو طبيخ ونور الياسري وهادي المكوطر وعلى جودت.
لم يكن امام العراقيين وفيصل لضمان مستقبل العراق السياسي الا قبول هذا الامر بأن تؤسس في العراق دولة ترتبط في بادئ الامر بمعاهدة مع بريطانيا لتخليص العراق من الاستعمار الانكليزي وبعده من الانتداب وادخاله الى عصبة الأمم ويكون الحكم الوطني للعراق تدريجياً والعراقيون الذين نزلوا مع فيصل من الباخرة كانوا من قادة ثورة العشرين ومن رجال العراق المخلصين كذلك الملك فيصل الاول كان يريد للعراق كل الخير ولشعبه الاستقلال الناجز والحكم الوطني الخالص ولكن لم يكن في مقدور احد الا قبول الامر الواقع بأن يأخذ الحكم الوطني والدولة المستقلة رويداً وعلى مراحل في 29 حزيران 1921 وصل فيصل الى بغداد واستقبل استقبالاً منقطع النظير بالخطب الحماسية والاشعار الوطنية واصدرت وزارة الداخلية الى كل متصرفي الالوية طلبت فيه تسجيل آراء الاهلين كافة على شكل مضبطة في اعلان الملكية في العراق وتنصيب فيصل ملكاً على العراق وقد اجري التصويت العام على ذلك وأسفرت النتيجة على حصول الملك فيصل على اكثرية 97% في المجموع العام وكان عدد المضابط في بغداد 157 مضبطة والدليم والبصرة 47 مضبطة ديالي 41 والحلة 41 وكربلاء 28 والعمارة 70 والموصل 97 وكركوك 41 والمنتفك 29 اما السليمانية وأربيل والكوت والديوانية فلم تشترك بالتصويت وهكذا كان التصويت لصالح فيصل ملكاً على العراق 96% الى 97% وكانت المدن التي لم تشترك في الانتخابات مثل السليمانية والكوت واربيل والديوانية أقضية وليس الوية (متصرفية) لهذا لم تشترك في التصويت ولقد كان هناك بعض المرشحين مع فيصل الا ان فوز فيصل كان الاجدر ومن هؤلاء المرشحين عبد الرحمن النقيب وطالب النقيب وعبد الهادي باشا العمري وبرهان الدين نجل السلطان عبد الحميد واغا خان زعيم الطائفة الاسماعيلية والشيخ خزعل أمير المحمرة وابن سعود احد انجاله واحد امراء الاسرة الملكية المصرية الا ان العراقيين فضلوا فيصلاً وكان لموقف مسز بيل والسير برسي كوكس احدي العلامات لصالح فيصل وهكذا توج الملك فيصل الاول في يوم 23 آب 1921 في احتفال بسيط في ساحة القشلة في بغداد وقدم عبد الرحمن النقيب استقالة وزارته الي السير كوكس كما تقضي العادة بذلك حيث انتهت ولاية وزارته في بتتويج ملك على البلاد الا ان الملك فيصل الاول اسند له الوزارة مرة ثانية وتصبح وزارته الثانية والوزارة الاولي في عهد الملك فيصل الاول/ الوزارة النقيبية الثانية.
عبد الرحمن النقيب رئيساً لمجلس الوزراء
الحاج رمزي بيك وزيراً للداخلية أصبح بدلاً عنه توفيق الخالدي
ساسون حسقيل وزيراً للمالية
ناجي بيك السويدي وزيراً للعدلية أصبح بدلاً عنه عبد المحسن السعدون
جعفر العسكري وزيراً للدفاع الوطني
حنا خياط وزيراً للصحة
عزت باشا كركولي وزيراً للأشغال والمواصلات أصبح بدلاً عنه صبيح نشأت
عبد اللطيف المنديل وزيراً للتجارة عين بدلاً عنه جعفر أبو التمن
عبد الكريم الجزائري وزيراً للمعارف اعتذر وكان بدل عنه هبة الدين الشهرستاني
محمد على فاضل وزيراً للأوقاف
تعرض الملك فيصل الاول صباح يوم 24 آب 1922 الى الم شديد مما استدعي اجراء عملية جراحية له يوم 25 آب 1922 ونجحت العملية الجراحية وكان قبل أن يجري العملية بساعات قد عرض على الملك امر يقضي باعتقال (7) من الزعماء العراقيين من قبل السير كوكس الا ان الملك فيصل الاول رفض ذلك وقال له هل تريد مني يا سير برسي كوكس أن يكون هذا الامر اخر اعمالي في الدنيا ان اعتقل ابناء وطني لا والله هذا غير ممكن وعند ذلك قام المندوب السامي السير كوكس بطي الورقة ووضعها في جيبه وعندما ادخل الملك الى غرفة العمليات استولي كوكس على السلطة في غياب الملك فألقي القبض على الزعماء السبعة ونفاهم الى جزيرة هنجام وهم كل من جعفر أبو التمن وحمدي الباجه جي ومحمد مهدي البصير وعبد الغفور البدري وأحمد داود وامين الجرجفجي وعبد الرسول كبة وامر في احتفال بمقر الحزب الوطني العراقي وحزب النهضة العراقي وتعطيل جريدة المفيد وجريدة الرافدين وفي يوم 26 آب في 1922 ساءت صحة الملك وكان متوقعاً وفاته أو نقله الى خارج الوطن وفي 28 آب جاءت برقية من تشرشل الى برسي كوكس بأن ينتهز فرصة مرض الملك فيصل في أن يقوم النقيب بتشكيل وزارة من المعتدلين ويعيد ترتيب الوضع السياسي وفي يوم 29 آب تماثل الملك فيصل الى الشفاء وقد زاره كبار ضباط الجيش للتأكد من حالته ولكن برسي كوكس كان يقوم في باجراءات على غير ما يريد الملك ويتمناه حيث قام بتسفير الشيخ مهدي الخالص وحسن الصدر الى خارج البلاد الى إيران وفي 10 إيلول 1922 جاء برسي كوكس الى الملك فيصل مهنئاً بالسلامة والشفاء ولكنه أخبر الملك بأن الحكومة البريطانية سوف لن تقبل بعد الان اتصال الملك بأي حركة وطنية ولن تتساهل مع من يقف ضد الاجراءات البريطانية وعلى الملك أن يبقي ملكاً دستورياً فقط ويبتعد عن التدخل في شؤون الادارة والحكم وتم اجبار الملك على تأييد الاجراءات التي اتخذت في غيابه وفي يوم 1 ايار (مايو) 1923 غادر السير برسي كوكس البلاد وقد خلفه السير هنري دوبس وكان السير هنري دوبس اشد من برسي كوكس واكثر تدخلاً في شؤون الحكم حتي انه كان يخابر ويخاطب رئيس الوزراء والوزراء مباشرة دون الرجوع الى الملك ولقد ساءت العلاقة بين الملك فيصل (وهنري) هذا حتي انتهت خدمته في البلاد بعد اشتداد الخلاف مع الملك وقبل اوانها وهكذا كان الملك فيصل يتحمل الشيء الكثير من الادارة البريطانية من اجل حبه للعراق وشعبه.