مسعف في ساحة التحرير و ألف قصّة وقصّة عن بغداد في كتابه وقلبه

Saturday 7th of March 2020 07:07:40 PM ,

الحريات اولا ,

رحمة حجه
يشارك حسين مطر (21 عاماً) في التظاهرات منذ أول تشرين أول 2019، كمسعف، وهو طالب هندسة مدنية في جامعة بغداد، بالإضافة لكونه مصوراً فوتوغرافياً ودليلاً سياحياً داخل المدينة التي ترعرع بين جوانبها، بغداد.

يقول حسين "كل ما نريده وطن، نريد عراقنا وبيتنا وأهلنا، نريد وطناً لنا ولأحفادنا وأحفاد أحفادنا، يليق بنا وبأفكارنا وطموحاتنا وأحلامنا ويليق بتاريخ الأجداد الذين بنوا هذا البيت الكبير، واسمه العراق".
وهو من المتظاهرين المصرّين على الاستمرار في الاحتجاج، على الرغم من كل عمليات القمع والترهيب بحقهم، يقول: "بلدنا يستحق كل التضحيات، ولو متنا ألف موتة وقيل لنا ستموتون مجدداً بعدها، سنموت حتى يتحقق التغيير".
وقبل نحو عامين، أصدر حسين كتاباً بعد حصوله على منحة من معهد غوتة الألماني في بغداد، رصد فيه تغيّر العمارة البغدادية وحكاية العديد من الأماكن في بغداد القديمة بالصور، وعبر قصص رواها سكان تلك الأماكن.
يقول حول هذا العمل "بدأت فكرتي نهاية عام 2016 بعد صورة التقطها صديقي لي، كنت على قبة كنيسة اللاتين في الرّصافة، وظهر في الصورة جامع الخلفاء مقابلي، هذه الصورة جعلتني أبحث لأعرف أكثر عن المكان".
وفي هذا البحث، وجد حسين صورة لجندي أسترالي في الجيش البريطاني عام 1919 كان يقف في نفس مكانه، يقول "كلانا كان ينظر لمنارة جامع الخلفاء، وهي من أقدم الآثار العبّاسية يعود عمرها لـ1100 سنة".
تلك الصّورة حفزته للبحث عن صور مماثلة وتوثيق أثر الزمن على ملامح بغداد القديمة، يوضح حسين "اخترت صوراً قديمة ذات طابع معماري والتقطت صوراً حديثة لنفس الأماكن ونفس الزوايا في الأولى، واستغرق ذلك 9 شهور بين عامي 2017 و2018".
"هدفي كان إيصالاً رسالة حول تأثير التغيير المعماري للمدينة على شخصية الفرد البغدادي" يقول حسين، مضيفاً "ضم المشروع 11 صورة، واحدة فقط صوّرتها خارج بغداد القديمة".
وأهالي البلدة القديمة في بغداد، كانوا شركاء في مشروع حسين الذي تحوّل فيما بعد كتاباً، حيث لجأ إليهم لمعرفة القصص والحكايات التاريخية المختبئة بين زوايا وشوارع وردهات وأسطح ونوافذ الأماكن التي قام بتصويرها.
يقول حسين: "كان تعاون الأهالي عظيماً، حتى أن بعضهم خاطر بسلامته الشخصية من أجل مساعدتي في التقاط صورة، وبعض الصّور كلفتني نحو أربعة شهور للوصول إلى مكان التقاطها".
بعد إنهاء مشروعه، الذي أطلق عليه اسم "ألف قصّة وقصّة"، عرضه حسين لأول مرة ضمن مهرجان تركيب للفنون المعاصرة، ثم في ملتقى "تيدكس بغداد".
يقول حسين: "تمثّل العرض بفيديو، وكانت الغرفة مغلقة، طلبت من المنظمين إيقاف المروحة حتى يشعر الحضور بأنهم في بغداد فعلاً، فهي معروفة بطقسها الحار، وصاحبت حديثي أصوات سجلتها في أماكن التصوير، حتى أن البعض ظنّ الباب مفتوحاً وأن ما يسمعه أصوات الشارع في الخارج، لكنها إيقاعات الحياة في بغداد".
وفكرة تجرّ أخرى، أصبح مشروعه الثاني توثيق الإيقاعات، في إطار ما يُعرف بالسياحة الصوتية، وينشر جميع هذه التسجيلات عبر قناته في يوتيوب "بغداد ميلودي".
وفي التظاهرات التي أصبحت جزءاً من حياته مؤخراً، سجّل حسين أصوات أماكن وأشخاص أحياءً أو قتلوا في التظاهرات، نسمع منها "إيقاع الثورة" و"إيقاع المطعم التركي" مثلاً.
ويطمح حسين بـ"أن يكون مع غيره من الشباب قادراً على إعادة بناء المدينة وتطوريها بمستوى يليق بتاريخها وتاريخ العراق" مضيفاً "أريد تكوين أرشيف للمدينة كلها ولأفكار الناس، ولأسلوب العمارة، خصوصاً أن السنوات الأخيرة شهدت صعود مبان لا تنسجم مع تاريخ وتراث المدينة".
أما أمنيته للعراق، أن يعيش أهله معاً كعائلة واحدة، من عرب وأكراد وسنة وشيعة ومسيحيين وغيرهم من الطوائف والقوميات والأديان، يقول حسين "ساحات التظاهر تشهد أننا يد واحدة، أما السياسيون فلا يمثلوننا، وعاجلاً أو آجلاً سيرحلون، ويبقى العراق".