حوار في السماء مع الشاعر العراقي جليل حيدر

Wednesday 5th of February 2020 06:46:42 PM ,

عراقيون ,

هادي الحسيني
في زيارته الى وطنه العراق وبعد فراق طويل دام اكثر من ثلاثة عقود التقيت الشاعر العراقي الكبير جليل حيدر في اتحاد الادباء وهو يلتقي باصدقائه القدماء والجدد الذين تعرف اليهم خلال فترة بقائه في بغداد ، كان رائعاً بكل شيء ، طيبته ، ثقافته العالية ، دماثة اخلاقه ، تواضعه ، بساطته ،وكذلك كرمه ، وقد احسست للوهلة الاولى وانا اتعرف الى هذا الشاعر الذي له بصماته الواضحة في القصيدة الحديثة منذ عقود اربعة انه شاعر من طراز خاص ،

وأحد اعمدة جيل الستينات الشعري العراقي الصلبة الذي ما ان يمّر ذكر شعراء هذا الجيل إلا ويقفز اسمه الى المقدمة ، شاعر انجز اكثر من عشرة مجموعات شعرية كانت عبارة عن جواز مرور له في كل الدول العربية بالرغم من خروجه المبكر من العراق اواخر العقد السبعيني . جليل حيدر حتى في سلوكه شاعر فهو يتعامل مع الجميع بروحية عالية .
ولعل الصدفة وحدها التي قادتني لمعرفة موعد طائرته التي هي نفس موعد طائرتي وفي نفس الرحلة المتجهة من العاصمة بغداد الى فينا عاصمة النمسا ، اتفقنا في اتحاد الادباء حيث نودع اصدقائنا ، وفي اليوم التالي جاء موعد الطائرة ثم انطلقنا من امام بيتنا القريب من شارع المطار بعد ان جاء جليل حيدر ظهر يوم الثاني والعشرين من شباط عام 2012 ، ثم وصلنا الى ساحة عباس بن فرناس التي تبعد بضعة كيلو مترات من مطار بغداد ومن تلك الساحة يودع الاهل والاصدقاء مسافريهم بسبب الاجراءات الامنية المشددة على المطار ، استأجرنا سيارة تكسي خاصة بالمطار ثم توقفنا عند اول نقطة تفتيش ، ترجلنا وجاء احد العمال لينقل حقائبنا في عربة صغيرة لكي يدخلها التفتيش ، انتهى تفتيش الحقائب ثم وصلنا الى نقطة تفتيش ثانية وقد اطلق عليها الشاعر جليل حيدر بالمرحلة الكلبية ! حيث ان الكلاب البوليسية ستقوم بشم الحقائب وما ان انتهينا من المرحلة الكلبية حتى باب المطار كانت ثمة نقطة تفتيش اخيرة كما قال سائق التكسي الذي اخذ اجرته وغادرنا ، اوقفونا ما بين الحد الفاصل بيننا وبين الحقائب لدقائق استغرقت اشعال سكائرنا حتى وصلت منافضها ، ثم دخلنا المطار وبعد عملية شحن الحقائب دخلنا الاستراحة ومازال ممر الدخول الى الطائرة مغلقاً، جلسنا في كافتريا المطار لنشرب العصير وندخن سكائرنا حتى دخل علينا الفنان مناضل داوود الذي كان معنا على نفس الرحلة ، وفي الطائرة وهي تحلق في الجو وما ان استقر الحال حتى اخرجت اوراقي وقلمي من حقيبتي الصغيرة ، قال لي الشاعر جليل حيدر ماذا ستصنع قلت له منذ زمان وانا اقرأ لك ومعجب بقصائدك وكم تمنيت لقائك لكن حظي جعلني ان التقيك في السماء لأجري معك حواراً . قال ليس بحوار لكنه دردشة في السماء ، قلت فاليكن كذلك ، وقد وعدني بحوار طويل عن تجربته الشعرية لاحقاً ، انه حوار في السماء فوق الغيوم .

* كيف رأيت بغداد بعد غربة طويلة دامت اكثر من 32 عاماً ؟
- بغداد عمياء ، محاطة بالاسمنت ، مغلقة الشوارع ومتصحرة ، ولولا جمهرة الشعراء والاصدقاء والاحبة لاصبت بالكآبة ،بغداد يحتاج لها الكثير من الوقت لبنائها ومن ثم يحتاج الوقت الاكثر لترميم الانسان الذي انهكته الحروب ومآسيها والحصار ودماره .

*هل ان خارطة الشعر العراقي الجديدة تراها تبشر بخير وهل ثمة شعراء جدد لفتوا انتباهك ؟
- تعرفت على شعراء لهم بصماتهم الواضحة ، كما قرأت مجموعات شعرية عديدة ، لكن هذا الكم من الشعر لا يوازي القيمة المؤثرة للنص ، ومع هذا لديّ امل كبير في الشعر العراقي رغم بعض الادعاءات النقدية من الخليج العربي ومن بيروت التي تدعي ان الهامش هو الافضل من المركز ، اعني بغداد .

*كيف تحدثني عن ذكرياتك في اتحاد الادباء وجلساتك مع اصدقاء قدماء وجدد؟
- انا سعيد جداً في تعرفي الى شعراء جدد ملؤني بالحفاوة والحب وبدا ليّ انهم كانوا يقرأوا شعري جيداً
مثل زعيم النصار الذي اعجبتني قصيدته ( نعاس الكتابة ) كذلك محمد النصار وكاظم الواسطي وحسام السراي وصلاح حسن وحسين علي يونس وهادي الحسيني واحمد عبد السادة ، كما والتقيت العديد من اصدقائي القدماء وكانت ايام جميلة برفقة اصدقاء كثيرين .

*هل اقيمت لك امسية احتفالية في بغداد ؟
في بيت الشعر اقاموا ليّ امسية عند شارع المتنبي في نهار جمعة وقد قرأ فاضل ثامر ورقة نقدية تناول فيها ثيمة القرين كذلك الاعلامي احمد المهنا جاء بقراءة في تاريخي ومواقفي عبر صداقة امتدت لزمن طويل اكثر من 40 عاما ، وقدم الامسية الناقد السينمائي علاء المفرجي مسؤول القسم الثقافي في جريدة المدى .

*وماذا قرأت في تلك الامسية من قصائد قديمة ام جديدة ؟
قرأت قصائد من مخطوطة شعرية بعنوان ( فضاء بغداد الابيض ) قرأت نخبة من قصائدها ونشرت في الصحف المحلية اغلب القصائد التي قرأتها

*ما الذي اعجبك في بغداد ؟
اعجبني شارع المتنبي يوم الجمعة فقط وذلك لاني لم أر شيئاً باستثناء فرحي وانا ارى نصب الحرية في ساحة التحرير للراحل جواد سليم ، كذلك نهر دجلة وهو اجمل ما شاهدت وقد ذهبت برحلة نهرية مع بعض الاصدقاء وكانت رائعة حقاً .

*وماذا عن مشاريعك الشعرية الجديدة؟
لديّ ديوانان الاول بعنوان ( اسد بابل ) وقد قدم له اودنيس وفاضل العزاوي ، وديواني الثاني من قصائد النثر هو ( فضاء بغداد الابيض ) وقد اعطيته لاحد الاصدقاء لطباعته في بغداد ؟

*كيف تحدثني عن الاسبقيات في قصيدة النثر وبخاصة العربية التي انتابتها العديد من الخلافات حول الريادة في كتابتها ، خاصة وان الاشقاء في لبنان وسوريا ينسبون الريادة لهم ؟
الحديث عن الاسبقيات يحتاج الى تمعن جيد في الشعر واولوياته ، لكني اعتقد ان حسين مردان وانسي الحاج لهم الاسبقية ، وأن قصيدة النثر تشكلت في لبنان على يد انسي الحاج ، بينما حسين مردان كتب النثر المركز . وحين قرأ بودلير آدغار الن بو قال انه شقيقي الروحي ، فيما يرى سركون بولص ان قصيدة النثر هي ركسونية ، وعبد القادر الجنابي يراها فرنسية ، وكذلك النقد الاوربي ، واذا نظرنا الى يوميات بودلير فهي قصائد نثر خالصة تماماً .

*هل كتبت الرواية ؟
لا ادعي كتابة الرواية .

*وهل ثمة محاولات في كتابتها ؟
اتمنى ذلك .

*ساذكر لك بعض الاسماء الشعرية التي تعرفها عن قرب واتمنى ان اسمع رأيك فيها ؟
*البياتي ؟
متصوف في بدلة موديرن .
*سعدي يوسف ؟
مازال اخضراً .
*فاضل العزاوي ؟
شاعر خطر ، وصديق نزيه .
*اودنيس ؟
هذا هو اسمه .
*سركون بولص ؟
مازال شعره يصل الى مدينة أين .
*جان دمو ؟
اسماله قليلة وصيته كبير .
*نصيف الناصري ؟
صديق طيب ووفيّ وشاعر جيد اشتاق له حتى نحن في مالمو ويطمئن ليّ جداً كما اطمئن له ، وله مستقبل في قصيدة النثر .

*ما هو شعورك الآن ونحن نحلق بالقرب من السماوات السبع في طائرة الخطوط الجوية النمساوية ، خاصة وقد ودعنا قبل قليل ارض مطار بغداد الحبيب ؟
لكي اصل مدينتي مالمو في السويد التي اعشقها كما بغداد فأنا قلق ، لكني في نفس الوقت سعيد لاني سأصل مدينتي وهو شعور يشبه العودة الى الوطن ؟

*هل كانت الرحلة جميلة ؟
كانت ممتعة بوجودنا معاً ولقاء بعض الاصدقاء داخل صالة المطار ؟


جليل حيدر في سطور :
ولد في بغداد عام 1945

اصداراته:
قصائد الضدّ بغداد 1974
صفير خاصّ بغداد 1977
شخص بين الشرفة والطريق بيروت 1980
حبر لليل.. رجل للمكان بيروت 1982
الضدّ والمكان عدن 1984
السمندل قبرص 1983
شعر ومقاومة قصائد بالعربيّة والفرنسيّة 1983
رماد الكاكي دمشق 1983
طائر الشاكو ماكو كولن 1992
دائماً.. لكن هناك بيروت 1999
في حين له في المسرح: جريمة بيضاء في غرفة- مسرحيّة من فصل واحد، وفي الترجمات عن السويديّة:"بورتريه للملائكة" بيروت 1999.
ويصدر له قريبا : اسد بابل ، وفضاء بغداد الابيض.