يوميات ساحة التحرير..مكتبة شهداء التحرير في جبل أحد تستقبل القراء على مدار الساعة...

Monday 25th of November 2019 09:36:03 PM ,

الحريات اولا ,

 ماس القيسي
الثورة او الانتفاضة بمعناها الحرفي تشير الى النهوض المرتبط بحالة من الغضب المتمرد الرافض لكل انواع الظلم والقهر والاستبداد والفساد بهدف تغيير الواقع الملموس. ومن اجل ان تعبر اي ثورة عن دلالتها الحقيقية لابد من وضع خطط صحيحة مدروسة واعية وهادفة لتكون بيئة حاضنة لها تساعد في حصد نتائج مثمرة تؤثر في المجتمع المراد بناؤه على اسس صحيحة.

وان من اول واهم القواعد التي من شأنها ان تكون ركيزة اساسية من ركائزها وتتصف بها هي ان تكون ثورة فكرية معرفية، اذ ان الجهل والضعف الادراكي لدى الشعوب هو نقطة الضعف التي تستغل من قبل اي قوة حاكمة والثغرة التي تنفذ من خلالها كل الايديولوجيات المدمرة للعقل بنية اشغاله عن قضاياه الهامة والهائه بصغائر الامور. وعليه فان من شأن اي انتفاضة ان ترتقي وتلعب دورها في سد تلك الثغرة والتغلب على نقاط الضعف في المجتمع من خلال غرس بذور المعرفة والعلم واشباع العقل الجماهيري بفكر سوي وبصيرة روية سامية تواجه بها مختلف التحديات.
مكتبة تحمل رفوفها كتبا متنوعة حملت عنوان ( شهداء التحرير) كانت فكرة ملهمة نفذتها مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون في الطابق الثاني من المطعم التركي، المسمى حاليا جبل احد او قلعة الاحرار، في ساحة التحرير على ايدي موظفيها الذين شاركوا في تأسيس المكتبة اذ قال حسن جلال: "بعد ان اتتنا تعليمات من قبل ادارة المؤسسة توجهنا انا وزملائي لتثبيت الرفوف والمناضد والواح الزجاج للنوافذ، وقد نقلنا تسعة صناديق من الكتب التابعة لدار المدى ودور نشر اخرى، وجهزنا كل ما يمكن لافتتاح المكتبة". مؤكدا على ان هناك جهات اعلامية تحاول نشر اكاذيب واتهامات بان فكرة تأسيس المكتبة هناك ليست لها علاقة بمؤسسة المدى.
وعن اختيار موقع داخل المطعم التركي تحديدا اخبرنا جلال: "لدي اصدقاء يقيمون في منطقة السعدون المجاورة لساحة التحرير وكذلك بعضهم من المتواجدين والمعتصمين حاليا في بناية المطعم وقد بحثنا عن موقع مناسب فلم نجد انسب من هذا والسبب يعود لكون المعتصمين اغلبهم من القراء وممن يودون قضاء وقتهم بالقراءة". مشيرا الى ان بعض الثوار المتواجدين في المطعم (جبل احد) هم من النخبة المثقفة التي تريد ان تنهض بالمجتمع وتدعم الثورة بالعلم والمعرفة.
وفيما يخص التنظيم الخاص بمكتبة شهداء التحرير ومن يقوم بالإشراف عليها وادارتها يقول جلال: "لقد نظمنا كل ما يلزم من اشراف وادارة بالزام احد الشباب هناك ليكون مسؤولا عن المتابعة اليومية كما دعمنا في ذلك موظفي التسويق من خلال نشر بوستر يدل عل الجهة الداعمة لهذه المكتبة". منوها الى ان الكتب التي نقلت هي مجانية متاحة للقراءة لكل زوارها من المتظاهرين وغيرهم ممن يدعمون المكتبة ايضا بكتبهم الخاصة بقوله: "هناك بعض القراء من النشطاء يقومون بجلب كتبهم الخاصة ويتبرعون بها للمكتبة بهدف نشر الوعي". الامر الذي يكرس فكرة التظاهر السلمي.
وعن كيفية ادارة المكتبة وتنظيم اعمالها قال محمد خاتم احد الشباب المعتصمين في المطعم والمشرفين على المكتبة: "كانت فكرة من اقتراح احد الاصدقاء وقد وجهنا طلبا لمؤسسة المدى التي وافقت بدورها وبادرت بتأسيس المكتبة بأسرع وقت إذ كان الافتتاح يوم الثاني من تشرين الثاني". ويعقب بخصوص الدعم المتواصل الذي يرفد المكتبة بالكتب قائلا: "هناك بعض المكتبات من شارع المتنبي ساهمت في دعمنا بمجموعة من الكتب وكذلك الاصدقاء من المتبرعين بكتبهم الخاصة ومازال هناك دعم متوصل من قبل دور نشر مثل دار براء وسطور وغيرهما وبعض الشعراء مثل ادهم عادل في سبيل تطويرها". وعن الرسالة التي يود ارسائها من خلال هذه المكتبة يعقب حاتم: "هذه المكتبة ليست الا هدفا خدميا وثقافيا مما يدل على كون تظاهرنا سلميا ويساهم في بقائنا وصمودنا هنا حتى تحقيق مطلبنا بوطن حر مستقر وان اختيارنا الذي وقع على المطعم التركي لم يأت سهوا بل لكونه اصبح معلما ثقافيا لكل الزائرين فكل من يأتي لساحة التحرير يتوجه الى هذا المطعم ويشاهد انشطة ثقافية وفنية مختلفة". مشيرا الى ان المكتبة ساهمت في نشر ثقافة القراءة لدى المعتصمين بقوله: "يأتينا اشخاص بعيدين عن عالم الكتب يرغبون في تبني فكرة القراءة وقضاء اوقاتهم هنا وهم معتصمون، اذ نقوم نحن بدورنا بإرشادهم من خلال اختيار ما يناسبهم في بادئ الامر ليواصلوا القراءة". مؤكدا على ضرورة نشر المعرفة بين المعتصمين. ناشطون وثوار ومسعفون وغيرهم من زوار مكتبة شهداء التحرير نجدهم يفترشون ارضها ويتصفحون احد كتبها بمشهد لافت ومثير اذ يعبر احدهم بقوله: "انا لم اكن اقرأ من قبل، وقد وجدت رفاقي هنا يقرأون وبدأت اتعرف على هذا العالم الجميل الذي يساعد في توسيع مداركنا وافقنا ويدل على سلمية حراكنا". الامر الذي إن دل على شيء فإنما يدل على ان هذا الجيل الواعي بيئة حاضنة لكل ما هو ايجابي وهادف".
الكتاب في جوهره ثورة على الجهل لينير دروبا يسلكها ثوار انتفاضتنا ضد كل بؤر الفساد في سبيل النهوض والارتقاء والسمو بمجتمع عراقي معافى سليم من كل امراض التعصب الديني والعرقي لنصل لمبتغانا بعراق حر ابي محصن من مختلف شرور الفتن التي يراد بها زعزعة حراكنا السلمي المشرف.