سامي عبد الحميد..مشروع لم يكتمل

Wednesday 2nd of October 2019 06:50:22 PM ,

عراقيون ,

طه رشيد
الأستاذ الاكاديمي والمربي الفنان سامي عبد الحميد، تتلمذت على يده أجيال عديدة، كان واحدا من الفنانين القلائل الذين يبحثون دائما عن الجديد الإبداعي مخرجا كان ام ممثلا، فشهد له المسرح العراقي تجاربا ما زالت خالدة في الذاكرة: تموز يقرع الناقوس، قرندل، حفلة سمر من اجل حزيران، هاملت عربيا، بغداد الازل بين الجد والهزل، نفوس، رحلة في الصحون الطائرة، اغنية التم ، الملك لير، المتنبي، ثورة الزنج، ملحمة كلكامش، بيت برناردا البا،

أنتيغونا، المفتاح، في انتظار غودو، عطيل في المطبخ، القرد كثيف الشعر، الإنسان الطيب، انسو هيروسترات، غربة، وعشرات أخرى من الأعمال المسرحية وتجارب سينمائية وتلفزيونية ودرامية. لكن هواه ظل مسرحيا، مكرسا جل وقته للفن المسرحي تطبيقا ونظريا، فكتب العديد من الكتب والمقالات والترجمات: صدى الاتجاهات المعاصرة في المسرح العربي، الملامح العربية في مسرح شكسبير. السبيل لإيجاد مسرح عربي متميز. العربية الفصحى والعرض المسرحي. فن الإلقاء. فن التمثيل،د. فن الإخراج. ترجم عدة كتب تخص الفن المسرحي منها: العناصر الأساسية لإخراج المسرحية لألكسندر دين. تصميم الحركة لأوكسنفورد. المكان الخالي لبيتر بروك.
شارك في العشرات من المهرجانات المسرحية العربية ممثلا أو مخرجا: مهرجانات الهيئة العربية للمسرح . مهرجان قرطاج مهرجان المسرح الأردني. مهرجان ربيع المسرح في المغرب. مهرجان كونفرسانو في إيطاليا. مهرجان جامعات الخليج العربي. أيام الشارقة المسرحية. ونال سامي عبد الحميد العديد من الجوائز وشهادات التقدير من جهات مختلفة، حيث منح وسام الثقافة التونسي من الدرجة الاولى في تكريم خاص من قبل رئيس الجمهورية التونسية الأسبق زين العابدين بن علي.
كان جديرا بكل المناصب التي شغلها طيلة حياته فكان نقيبا للفنانين العراقيين، رئيس المركز العراقي للمسرح، رئيس اتحاد المسرحيين العرب. ومنذ مطلع السبعينات شغل منصب معاون عميد أكاديمية الفنون الجميلة لشؤون الطلبة، فكان اداريا صارما وصديقا حميميا للطلبة الجادين في قسم الفنون المسرحية. وحتى أيامه الأخيرة في المستشفى كان حريصا على مراجعة بعض اداريه الطلبة!
ولا يمكن أن ننسى دوره في تعضيد مكانة فرقة المسرح الفني الحديث، عراقيا وعربيا، بجانب الراحلين ابراهيم جلال ويوسف العاني وخليل شوقي وقاسم محمد.
وبعد تردي الواقع الثقافي العراقي، وبالأخص المسرحي، نتيجة الحصار والحروب وسياسات الأنظمة المتعاقبة على حكم العراق، وبعد مرور ما يقارب ثلاثة عقود على توقف فرقة المسرح الفني الحديث، حاول، رغم كبر عمره، إعادة تأسيس الفرقة بوجود شلة من الفنانين الجادين: جواد الاسدي، عقيل مهدي ، كافي لازم، حكمت داود، طه رشيد، مظفر الطيب، محمد عمر، واخرين.
ورغم صعوبة حركته ووضعه الصحي، الذي لا يحسد عليه، الا انه قدم للفرقة الجديدة ثلاثة مشاريع بين تمثيل واخراج، كان يفترض أن يتم اختيار احد هذه المشاريع ضمن برنامج فرقة المسرح الفني الحديث المقبل، إلا أنه لم يكتب لنا وله الحظ أن نشاهده مجددا على المسرح، فلقد كان « الموت اللئيم» أسرع مما كنا نتصور!
ذهب سامي عبد الحميد وما زالت مشاريعه قائمة، وسنواصل المسيرة على خطاه بالبحث عن الجديد من أجل تحقيق رسالته المسرحية في خلق انسان عارف واع، محبا للثقافة والتنوير.
لقد وقفت كل الجهات المسرحية العربية احتراما لغيابه الجسدي، أما سلطاتنا الثلاث فلم تنتبه لغياب قامة باسقة، فلا علم نُكس ولا برقية تعزية وصلت ولا حضور «رفيع» في يوم تشييعه!