الرثاء الذي يليق برحيل عريان السيد خلف

Wednesday 12th of December 2018 06:51:09 PM ,

عراقيون ,

د. عبد الإله الصائغ
حين تعرض الفقيد عريان سيد خلف الى حادث سير كانت قلوبنا تصلي من اجله لكن خوفا شفيفا رافقنا على حياته الغالية علينا وعلى محبيه رغم انه نهض من كبوة حادث السير وواصل حياته انسانا نبيلا ومبدعا كبيرا ومناضلا تقدميا! فما السبيل الى تقبل خسارته التي لاتعوض؟ كيف اتخيل الثقافة العراقية دون عريان؟ كيف اتخيل العراق دون عريان؟

علاقتي بعريان السيد خلف قديمة فقد ربطتني بالشاعر عريان سيد خلف مودة عميقة وكان يزور مجلسي في شقتي بالكاظمية ساحة الزهراء (الشوصة) وكان ضمن الذين يحضرون الصديق والشاعر الدكتور علي العلاق! وباسم حمودي وشاكر السماوي واسماعيل الكاطع وعزيز السماوي وصفاء زيني …. وحين زار عريان السيد خلف مشيغن كانت لنا لقاءات استعرضنا فيها ذكريات الزمن الجميل ولولا الفنان الكبير الدكتور عبد المطلب السنيد رحمه الله لما علمت بقدوم عريان سيد خلف! كانت لقاءاتنا وقتها لقاءات محبة!
كان عريان السيد خلف يتعاطف مع حبنا لشعره ومازالت ابنتي البروفسورة دكتورة وجدان الصائغ تتذكر زياراته رغم انه كانت طفلة! اقول
عريان السيد خلف: شاعر شعبي مبتكر ذو شعرية جذابة وطريقة في الالقاء محببة
ولد الفقيد الكبير في قلعة سكر على ضفاف الغراف، وبدأ النشر مطلع ستينات القرن العشرين
اصدر اكثر من ستة مجاميع شعرية وقد عمل في الصحافة العراقيه وفي الاذاعة والتلفزيون.وكانت طريق الشعب والثقافة الجديدة اقرب المنابر الى كتاباته وهو يكتب الشعر في الفصحى ايضا لكنه مقل فيه! لنصغ الى كلامه حرفيا (ولدت في ناحية قلعة سكر على نهر الغراف في المناطق الجنوبية التابعة لمحافظة ذي قار والمدينة أشبه بأجواء ريف وفيها قيم وخلق الريف العراقي الذي يمتاز بالنخوة والشهامة والصداقات الحميمة، والألفة، والأمان، والود، وطبعت في روحي الكثير من الشمائل الجميلة، كما تركت في نفسي آثاراً منها انني سريع الغضب من الأشياء الخاطئة. بداياتي هي تأثري في هذه البيئة الريفية وهي بيئة شعرية وتعني الفلاحين والفلاحات وأغاني الحصاد، والصيادين وأغاني الرعاة ودبكاتهم، وأصوات الناي اختزلت في ذاكرتي مزيجاً من الموسيقا والغناء والشعر. كان بيت والدي او مضيفه يعج بالشعراء الذين يتبادلون القصائد وكان والدي حينما يتحدث يصمت الجميع لأنه دائماً ما يحكي حكاية ويختمها أما ببيت شعري أو بقصيدة او مثل وكنت أتساءل عن هذا السحر الذي كان يلقيه على الآخرين. دخلت السجن سنة 1963 عندما كنت طالباً في الجامعة والتقيت داخله بأعظم وأروع الشعراء منهم مظفر النواب والفريد سمعان ومحمد صالح بحر العلوم وصادق العلوي وجميل فهد وعبدالكريم تعبان وعبدالرزاق أحمد أبو ثائر وكثير من الشعراء والمبدعين منهم علي الشباني وناظم السماوي وآخرين، وكنت أنقل من سجن الى آخر ومن سجن نقرة السلمان الى الحلة ثم الرمادي وعدت الى الموقف العام والسجن المركزي في بغداد وأطلق سراحي لعدم ثبوت أدلة ضدي بعد خمس سنوات من الاعتقال وبعدها عملت في شركة المياه الغازية حتى السبعينات من القرن الماضي عندما فصلت لتجاوزي على المدير العام الذي ضرب عاملاً أمامي وثأرت للعامل وتم فصلي ثم عملت في الإذاعة والتلفزيون في قسم البرامج الريفية.في منتصف السبعينات أصدرت أول دواويني السبعة وهو"الكمر والديرة"وطبع على نفقة مكتبة الشطري في بيروت الذي طبع ديوان الشاعر كريم العراقي، للمطر وأم الظفيرة،، بعد ذلك بسنة واحدة ثم طبع ديواني في مكتبة الغري حتى تكررت الطبعات على عشرة آلاف نسخة وطبعت هذه المجموعة خمس مرات ثم بعدها أصدرت"قبل ليلة"ثم"أوراق ومواسم"وفي الثمانينات"صياد الهموم"و"تل الورد"و"شفاعة الوجد"الذي صدر عن دار المسار وهو ديوان مشترك مع الشاعر مظفر النواب. يحتوي ديواني"القيامة"على قصائد كتبت ما بعد التسعين وأولها قصيدة سميت باسمها المجموعة والقيامة بعد انتفاضة 1991 وكيف استباح النظام المدن الجنوبية ومدن الوسط وهدم البيوت واستباح الأعراض.. والديوان من ثلاثة أجزاء. أول من غنى لي في الإذاعة كان المطرب رياض أحمد رحمه الله وكانت أغنية ((سورة)) لحنها كوكب حمزة وحجبت بعد فترة من قبل النظام السابق. ثم أغنية"اتلولحي"وغناها سعدون جابر، وألحان محمد جواد أموري وحجبت أيضاً. ثم أغنية (عيني عيني)"وغناها سعدون جابر وبقيت تذاع وتبث وهي من ألحان محسن فرحان وغنى من شعري قحطان العطار (آه يازماني) و(بالكيف) و(لوغيمت دنياي)..

المرثية الأخيرة

منايانه غفل والدنية غدارة
وفواتحنة أكثرت والدمع يتجارة
وشارتنا الكبل.. جانت مثل للناس
هسه احنه النخاف اتلوحنه الشارة
جنه اعله المنايا انفوت متعنين
وعله زمور التفك لو ثار نتباره
وجان المشتهينه اندك عليه الباب
ونخلي اعلى راسه الفشك كبارة
وجان الموت يصفن من علينه ايفوت
ومن نصرخ ابوجهه ايبدل افكاره
حزب جان اليمسه ايموت كبل الموت
وعلى هاي الشمايل كبرت زغاره
نمشي ابطولنا وبالفخر متحزمين
ويسورب ورانه التكثر اعذاره
صفينه انشاكف الطك بالاسف والحيف
وندور عالبخيت انلوذ بكتارة
ياموت العفه ارحمني برصاصة موت
ولاعيشن دجاجة بيت دواره
سلام ابايسكله ايدور الولايات
ولا يمشن وراه خمسين سياره
وابو كريم نصير وشعل كردستان
وظلت كل رفاقه اتسولف اخباره
وحسن نايب عريف وغير التاريخ
وثاير ماتحمه ابنار ثواره
وابو محيسن ترف ويخوض ماي الهور
وبدمه الكصب يتعالن اكصاره
ياحزب الفواتح ياطريق الموت
ايمام الما يعور يستحي الزاره
ياحزب الضحايا … امجتفين اجتاف
نتنطر سرانه يحين مشواره
شني فود النخل لو طال بيه الطول
والارض الخبيثة اتحوش جماره
يبن صالح وحكك.. وحك دم سعدون
وحك ثارك الطاح وما طفت ناره

وحك ضحكة اعيونك والدعابة البيك

نحن فقدناك ياعريان جسدا ولكنك بيننا! شعرك بيننا ونحفظ الكثير منه! وسيرتك النضالية تمثل رؤيتك التقدمية للحياة والوطن والبشر! كلنا سنمضي ياعريان ولكن مضي المبدع الطيب موجع وجعا فادحا! ياحاملي نعش عريان ترفقوا في المسير فانتم تحملون الزمن الجميل.