التشكيلية العراقية بهيجة الحكيم

Wednesday 7th of November 2018 06:58:04 PM ,

عراقيون ,

بسمه طالب
الفنانة بهيجة نوري مهدي الحكيم من مواليد عام 1937، ولدت في محافظة كربلاء ببغداد، هي ام لثلاثة اولاد، حسين آل تاجر (اعلامي)، و علي آل تاجر(فنان تشكيلي معروف)، و ورود آل تاجر (فنانة تشكيلية ايضا)، عاشت في اسرة كبيرة يسودها جو من المحبة والدفئ العائلي استقرت في ذاكرتها لتنعكس هذه الأجواء الدافئة الراقية على لوحاتها فيما بعد.

عندما كانت طفلة، كانت انظارها تنجذب دون وعي الى القباب المذهبة الزرقاء والى قطع القماش الخضراء المعلقة على شبابيك بغدادية ملؤها الحلم والامل، وبعض ابواب الأضرحة في مدينتها، فتكاثفت هذه الذكريات والصور لتنساب فيما بعد في لوحاتها المرصعة بالمرايا التي احبتها كثيرا منذ طفولتها،، فكانت تخبئ قطعا منها في دفترها المدرسي، وتتطلع الى المرايا الموجودة حولها بين الحين والآخر لعشقها لها، لذا جاءت الكثير من اعمالها تزينها المرايا، واعتبرت هذه الأعمال مرحلة مهمة من مراحل حياتها الفنية.
اكملت دراستها في ثانوية الأعظمية ببغداد عام 1952، وتخرجت من كلية الملكة عالية – فرع الفن، ثم قامت بتدريس الفن في عدد من المدارس في كربلاء وبغداد والبصرة، وتم تعيينها كمشرفة تربوية، بعدها اصبحت مديرة لمتحف الفنانين الرواد، و عضوة في نقابة الفنانين العراقيين وفي جمعية التشكيليين العراقيين.
انجزت بهيجة الحكيم اعمالا جسدت مسيرتها الفنية لأكثر من اربعين عاما، عبرت عن تجربتها في لوحات انتمت الى الثقافة والفن العراقي بروح واحساس ووجدان عال، فتمسكت بالرومانسية في وقت قد تبلورت فيه مدارس واتجاهات وأساليب مختلفة في الفن التشكيلي العراقي.
هي اكثر فنانة اشتهرت برسم الطبيعة والورود والأزهار والرياحين بزخرفية عالية و بمنمنات متفردة الألوان، زينتها بالذهب و الفضة وبألوان تبهج الناظر وتشرح قلبه.
لها دور كبير في إثراء الفن التشكيلي العراقي، فكانت نتاجاتها الفنية منطلقة بأزهارها الملونة المستوحاة من الطبيعة الجميلة ومن بساتين كربلاء بنقوش و تزويقات متأثرة بنتاجات الفنون الإسلامية في زخارفها وبمزاوجتها مع الموروثات الحضارية والثقافية والفلكلورية، تجسد أحاسيسها وتترجمها الى لغات بصرية تبعث نحو الامل والحلم والحياة بألوان مشرقة لتلمس جدار قلوب المتلقي وكأنها قصائد شعرية تلهم الذاكرة بآمال خضراء وبسياقات ذات مدلولات وطابع جمالي عاليين، فكأنها في لوحاتها كانت ترسم قصائد بلا كلمات وبلا صوت شاعر.
اقامت الحكيم العديد من المعارض الشخصية داخل وخارج العراق، وكانت احد اعضاء جماعة بغداد للفن الحديث،كما شغلت مناصب ادارية في الكثير من القاعات الفنية المهمه مثل قاعة الرشيد.
شغلت اعمالها قاعات مركز بغداد للفنون، وقد تم سرقة اعمالها الكبيرة التي كانت تزين أروقة وزارتي الخارجية والإعلام ودوائر و قصور الرئاسة عند دخول قوات الإحتلال الى بغداد عام 2003.
لقد اسهمت فنانتنا الرائدة في إطلاق حركة نسائية مميزة على صعيد الفن التشكيلي العراقي، لتترك ورائها إرثا فنيا كبيرا بعد رحيلها في عمان-الأردن، نتيجة صراعها مع المرض، وستبقى حاضرة في ذاكرتنا رغم غياب جسدها عنا، روحا جميلة تنبض بالحب بالوان الربيع في لوحاتها تاركة خلفها بصمة فنية خالدة في تاريخ الفن العراقي المعاصر.