من يقرأ يوليسيس؟

Friday 6th of August 2010 04:55:50 PM ,

منارات ,

علي حسين
هل كان يدور في ذهن جيمس جويس وهو ينشر روايته المثيرة للجدل ( يوليسيس )ان هذه الرواية ستقع في يوم من الايام في يد واحدة من اجمل نساء الكرة الارضية واكثرهن شهره ( مارلين مونرو) وان هذه الجميلة ستخصص جزءاً من وقتها المزحوم بالسهرات والمقابلات والافلام لتقرأ يوليسيس .. في الصورة التي ننشرها هنا تبدو الجميلة مارلين مستغرقة في قراءة الصفحات الاخيرة من الكتاب،

ولعل البعض منا يسأل هل استطاعت ان تحل الغاز هذه الرواية التي قال عنها مؤلفها بعد ان دفعها للنشر، يالها من رواية متعبة؟ ويبدو ان التعب من يوليسيس لم يكن مصير جويس وحده ، بل قدر الذين يقررون قراءة الرواية.
سألت الكثير من الاصدقاء هل قراتم رواية (يوليسيس)؟ يضحك البعض منهم وآخرون يقولون لم يقرأها سوى القليل ، كما كانت مفاجاة بالنسبة لي ان كثير من الروائيين لم يستطيعوا قراءتها بالكامل ، لكنهم بالمقابل شغوفون بقراءة كل مايتعلق بجيمس جويس من كتب ومقالات
ترجمت يوليسيس الى العربية ثلاث مرات الاولى كانت عام 1948 من قبل اديب مصري اسمه لطفي جمعة كان مولعا بجيمس جويس لكنه لم يكمل الترجمة بسبب عارض صحي فنشر جزءها الاول.
والترجمة الثانية التي قدمت للقارئ العربي كانت ترجمة الدكتور طه محمود طه التي نشرت عام 1982بجزئين
وبعد اكثر من ثلاثين عاما يقدم الشاعر والمترجم العراقي صلاح نيازي ترجمة جديدة صدر جزؤها الثاني هذه الايام .
59 عاما هي كل حياة جويس التي قدم من خلالها ثلاث روايات ومجموعة قصصية وكراسة عن الموسيقى
وقد اعتبر النقد ان رواية يوليسيس واحدة من التجليات الكبرى للرواية النفسية او رواية تيار الوعي واعتبار جويس مع مارسيل بروست وفرانز كافكا اضلاع المثلث الذهبي الذي يمثل تحول الرواية الى وصف العالم الداخلي للانسان
يوليسيس رواية معنية بالعالم الخارجي ، رغم شهرتها بالاستبطان ، فتأملات ابطالها تستدعي صخب المجتمع بصداقاته وعداواته ودسائسه ومجاملاته ، اذن ليست معجزة جويس في عالمه الداخلي بقدر ما معجزته في وصف رحلة ابطاله في عالم صاخب وضاج ، في يوليسيس يرفض ابطال الرواية التسليم بان الحياة الي يعيشونها او تلك التي عاشوها هي الحياة الحقة ، الحنين واللهفة الى عالم آيل للزوال هو الذي دفع بطل جويس الى التجول في المدينة لاكتشاف عالمها الخاص ، اللهفة تلك الكلمة التي بحث جويس في ثناياها ليستخرج عمله الكبير، مالم يفعله احد حين قرر جويس ان يحول ( البحث عن اليقين ) الى مادة جمالية هي مزيج من ترف الكلمات ومن لذة العيش المرتجلة ، فكتب اخيرا ما يتمنى كل كاتب ان يكتبه
ان مايمنح يوليسيس صفتها كواحدة من اعظم الاعمال الادبية في تاريخ العصر البشري كونها استطاعت ان تستعير من الحياة مايغني الفن ، لقد استعاد جويس حياته كما لوانها تعود لانسان اخر، اخر يعيشفي المدينة التي احبها ( دبلن )كانت الحياة الحقة بالنسبة لجويس تلك اللحظة المعاشة في شوارع دبلن وازقتها ، فباريس التي عاش فيها مجبرا لم تهبه الا حرية استعادة شوارع مدينة ظلت ذكراه عالقة لم تغادر مخيلته
جويس الذي صبغ رواية القرن الماضي بصبغته نقدم له هذه الصفحات تحية لذكراه وتحية للمترجم الدؤوب صلاح نيازي بمناسبة صدور الجزء الثاني من ترجمته لرائعة جويس ( يوليسيس)