لعبـــة فاضـل خلـيــل الجميلة!

Wednesday 11th of October 2017 05:30:59 PM ,

عراقيون ,

يوسف العاني
حين تألق”فاضل خليل”في مسرحيته”النخلة والجيران”التي قدمتها فرقة المسرح الفني الحديث عام 1969م والتي أخرجها قاسم محمد، عرف فاضل ممثلاً مبدعاً له حضوره الكبير والمهم في المسرح، لكن هذا الشاب – آنذاك – كان يسير في بناء شخصيته ليكون”رجل مسرح”مثقفاً ذاته ومطوراً إمكاناته ليقف على أسس صلبة مخرجاً شاباً في حركة الشباب – آنذاك أيضاً –

وليؤكد بعد عدة تجارب وجوده الملحوظ في مسرحيته”الملك هو الملك”… ثم ليسافر للدراسة ويعود إلينا”شوقاً”مسرحياً – أن جاز لي هذا التعبير – شوقاً للعمل العراقي فيصر على أن يمسرح”خيط البريسم”التمثيلية التلفزيونية التي تألق فيها ممثلاً ثم ليعيد إخراج مسرحية”الشريعة”التي عشقها حين عرضت لأول مرة …
وقدم "حلاق بغداد"… ثم دخل ”الحلبة”المسرحية لينشر الفرحة والبهجة ويؤكد حيويته الفنية ورؤيته التجريبية في”فرجة مسرحية”ضمن مهرجان المسرح العربي الذي أقيم ببغداد.
هذه مقدمة لا بد منها كي نعود مع فاضل، هذا الابن الحبيب والبار للمسرح العراقي!
انه رجل لاعب، يلعب حتى في أشد حالات الجد جدية وصرامة، حين يمثل يلعب ويهزل خارج إطار الشخصية، وحين يُخرج يلعب مع ممثليه لعبة مسرح وفرح … وهو كل الحالات يدعوك دون أن تدري إلى جدية مخلصة لا بد أن تؤديها من خلال هذا اللعب!
حين كان فاضل خليل المسرح في بلغاريا تحت إشراف المسرحي والمخرج البلغاري الكبير (فيليب فيليبوف) الذي تربطني به صداقة قديمة، سألته مرة عن فاضل فقال كلمة بالبلغارية لم أفهما ثم علمت حين ترجمت لي : ((تقصد الطالب اللعوب؟)) …. كان يلعب حتى في دراسته ولعبه كان جداً أيضاً.
في يوم 19 / 10 / 1988م قدم فاضل خليل لعبة جميلة هي (مسرحية اللعبة) لبيير رودي وترجمة أمل أحمد، يقدمها إنتاجاً للفرقة القومية عبر : عبد الجبار كاظم وناجي كاشي وعبد الخالق المختار وكريم رشيد وأياد البلداوي.. على مسرح الرشيد..
يقول فاضل”لطالما الحياة واقعية، فكل ما حولنا واقعي مشروط بالمعرفة، وعدم الغموض، حتى التجريب يجب أن يكون مفهوماً”.
وفق هذا التصور قدم لنا المسرحية، السجين يلعب مع سجين ثان من أجل حلم مستقبلي، ملاكم ولاعب سيرك وقيد يهتصر آدمية الإنسان ويضعه تحت سوط العذاب اللئيم كي تموت كل الأحلام وتذوب في متاهات اللاإنسانية!
فاضل استعان بكامل هاشم، هذا الفنان الموهوب الذي يعرف كيف يقود عمله”التقني”المبدع بإمكاناته الكبيرة وقدرته على السيطرة في كل زاوية من زوايا المسرح فأعطاه – أي لفاضل – فرصة اللعبة المسرحية. أسلاك شائكة تحز بوخزها دون أن تراها وقضبان حديدية جاثمة على الصدور وفرح يتقد ليخبو بعد حين..
وهكذا كنا نحن مع”اللعبة”المريرة الجميلة.. يذكرنا فاضل من خلالها بأعمال كبيرة في سياق مسرحنا العراقي، مسرحية بعد أخرى كانت تتراءى أمامي لتؤكد أن فاضل خليل من خلالها بأعمال هو حصيلة تجربة هذا المسرح العريق وهو ابنه البار – كما قلت – وهو المبدع والجاد فيه، وهو الحالم في أن يظل في أن يظل العطاء متقداً رحباً، الفرح فيه فرح إنساني يملأ النفس والقلب بلا وقاحة!
وفاضل فتح لنا هذا المنفذ فأسعدنا شاكرين له جهده وإبداعه.. فرحين معه بجهد (كريم رشيد) الشاب المبدع مرة أخرى وأخرى.. والأداء الرصين و المريح لناجي وعبد الخالق.. وللجهد الذي بذله عبد الجبار كاظم في أن يكون كما عهدناه.. كان متعباً، وجبار بحاجة إلى أن يعتني بنفسه فهو عزيز علينا ومسرحنا لن ينسى أبداً شخصيات جسدها فكان متألقاً ومبدعاً.. ولعل الأعمال القادمة تعيد لجبار ذلك الوهج الذي لمسناه في أكثر من مشهد في هذه المسرحية.
ملاحظة لا بد من ذكرها، ونحن نرحب بهذا العمل الذي تبنته وقدمته الفرقة القومية.
ليت فاضل قدم مسرحية ثانية ضمن هذا العرض وليكن عملاً عراقياً كي يكمل المتعة التي قدمتها لعبته المسرحية، وكان على الفرقة القومية أن تفكر في تقديم مسرحيتين قصيرتين كي يكون العرض – كما نقول مشبعاً، لا أن يقضي المشاهد خمساً وأربعين دقيقة وينتهي كل شيء.. والعروض لمسرحيتين من فصل واحد أو مسرحيتين قصيرتين عروض معمول بها وتظل طريفة وممتعة بصورة عامة.
شكراً للعبة فاضل خليل وليزدد لعباً.. كي تزداد إعجاباً.