عاشق الشاعرة الإيرانية فروغ فرخزاد يخرج عن صمته

Tuesday 29th of August 2017 06:28:15 PM ,

منارات ,

ترجمة: المدى
في قرية هادئة تبعد نحو 60 كيلو مترا الى الجنوب من لندن، يعيش المخرج والكاتب الإيراني إبراهيم غولستان البالغ من العمر 94 عاما الذي بقي صامتا لمدة نصف قرن عن الحديث عن محبوبته السابقة الشاعرة فروغ فرخزاد، عملاقة الأدب الفارسي الحديث التي قُتلت في حادث سيارة ولم يتجاوز عمرها 32عاما فقط..

ولكن بعد 50 عاما من وفاة فروغ فرخزاد المفاجئ، فإن ذلك الرجل المنعزل كسر صمته اخيرا متحدثا حول العلاقة بينهما واصفاً إياها بأنها الشاعرة التي كتبت بصدق عن المشاعر الإنسانية الأصيلة.
كانت فروغ فرخزاد، واحدة من الشخصيات الأدبية الأكثر شعبية في إيران في القرن الماضي ولم تشتهر بما تستحق في الغرب، وعرفت بكتاباتها الصريحة المتحدية لقيود السلطة الأبوية في المجتمع الإيراني، وقد تم تشبيهها بالشاعرة سيلفيا بلاث.
علاقتها مع غولستان،، تزامنت مع الفترة التي كتبت بعض من أعمالها التي لا تنسى. ولكن لا يعرف الا القليل عن علاقة الحب التي جمعتهما، والكثيرون كانوا يعتقدون ان فرخزاد لم تبادل احدا مشاعر الحُب.
في مقابلة نادرة أُجريت معه في قصره الفخم الذي يعود بناؤه الى العصر الفيكتوري في قرية بولني، والذي زينت جدرانه لوحات لبعض من ابرز الرسامين الايرانيين، اعترف غولستان بعلاقة الحُب التي جمعته بالشاعرة.
ويقول”بالطبع أنا اتحسّر على كل تلك السنوات التي لم تكن فيها هنا، وهذا امر واضح"،”كنا قريبين جدا من بعض، ولكني لا استطيع قياس حجم مشاعري.نحوها كيف يمكنني قياس ذلك بالكيلو أم بالأمتار؟”
ويقول مهدي جامي، الذي كتب كثيرا عن تأثير فرخزاد على الأدب الفارسي ان ذلك المخرج السينمائي كان له تأثير كبير على كتاباتها، ولا سيما في تعريفها بالحركات الأدبية الحديثة في الغرب.”إذا كنت ترغب في تسمية شخص واحد كان له اكبر التأثير على فروغ، فمما لا شك فيه انه كان غولستان. لقد التقيا في اللحظة المناسبة”.
ويضيف”في ثقافة اي بلد هناك رموز ثقافية، مثل شكسبير في بريطانيا.، فرخزاد كانت كذلك بالنسبة لإيران المعاصرة فهي من شكلت الهوية الحديثة للشعر الايراني".”كانت تكتب بطريقة بسيطة وحميمة. لم تكن تتصنع لا في شخصيتها، ولا في شعرها... كانت آخر شخص يقول الحقيقة في بلادنا”.
وقال محمد رضا شفيعي الكدكني، الشاعر الأكثر شهرة في إيران ممن ما زالوا على قيد الحياة في حديث لصحيفة الغارديان من طهران انها”شاعرة محدثة حقا"، من دون الحديث مباشرة عن الحداثة في شعرها.”كانت طبيعية جدا. و كانت مثالاً للشاعر الحقيقي في زمنها”.”لم تكن ترتدي الأقنعة، وهذا هو السبب في أننا لا زلنا الى اليوم نقرأ شعرها، وسنقرأه في المستقبل أيضا".
يقول غوللستان ان اثنين من اصدقائه عرّفاه على فرخزاد في أواخر الخمسينيات عندما كانت تبحث عن وظيفة. وكان في ذلك الوقت يدير استوديو معروف في داروس، وهي منطقة ثرية تقع في شمال طهران. بعد بضع سنوات من وفاة فرخزاد غادر ايران تعبيرا على مدى استيائه من المناخ السياسي في ظل حكم الشاه، وعاش في ساسكس في بريطانيا منذ عام 1975، ولم يعد أبداً إلى وطنه.
قرّر جولستان ان يعيّن الشابة فرخزاد كسكرتيرة في المكتب الذي كان يعمل فيه اكثر من 40 مخرجاً ومصوراً. وقال انه لم تمضِ سوى بضعة أشهر حتى أقام علاقة معها، على الرغم من أنه كان متزوجاً في ذلك الوقت.
اما فروغ، التي تزوجت وهي في السادسة عشرة من عمرها، فقد انفصلت عن زوجها بعد أربع سنوات فقط.
وقال غولستان انه كان يحب الكاتبة الشابة بقدر ما يحب زوجته، التي كانت تعلم بعلاقتهما.”تخيّل ان لديك أربعة أطفال، فهل تمتنع عن حب احدهم لأنك تحب الآخرين؟ يمكن أن تكون لديك مشاعر حب تجاههم جميعا ويمكن ان تكون لديك مثل تلك المشاعر لشخصين في آنٍ واحدٍ”.
أصدر الباحث الإيراني فرزانه ميلاني مؤخرا كتابا يحتوي على رسائل لم تُنشر من قبل كتبتها فروغ الى غولستان، حصل عليها منه شخصيا ، تكشف لأول مرة طبيعة العلاقة الحميمة التي جمعتهما.
في واحدة من تلك الرسائل، التي يعتقد أن فروغ كتبتها في لندن قبل عام من وفاتها حيث كانت في زيارة، تكتب فروغ قائلة:”شاهي [وهو لقب غولستان]، أنت أعز ما لديّ في الحياة. انت الوحيد الذي يمكن أن احبه... شاهي، أنا أحبك إلى حد أنني اصاب بالرعب حينما اتخيل ماذا سيحصل لي إذا ما اختفيت فجأة. سوف اصبح مثل بئر فارغة".
لكن غولستان واجه انتقادات لعدم نشر رسائله الخاصة التي بعثها للشاعرة. وعندما سُئل عن ذلك، قال إنه لا يملك شيئا منها. واضاف”عندما تكتب رسائل إلى شخص ما، هل تفكر في الاحتفاظ بها للمستقبل أو تقوم بكتابة نسخة منها؟”
وتقول فاطمة شمس، وهي شاعرة ايرانية وأستاذة الأدب الفارسي الحديث في جامعة ولاية بنسلفانيا، كان ينظر الى شِعِر فروغ احياناً على انه شعرٌ متمردٌ على التقاليد لذلك اخفي عن الانظار.
كان عمري 15 عاما عندما وجدت للمرة الاولى نسخا من قصائد فروغ، بين الكتب القديمة لوالدتي. كانت محفوظة في الطابق السفلي في بيتنا منذ فترة طويلة. لم تكن على الرف مع غيرها من الكتب في مكتبة الطابق العلوي. فقمت بتهريب تلك النسخ إلى غرفتي”.
“لم اتعلم كيف يمكن ان اكون فخورة ومتحمسة للحب من الشعراء الفرس القدامى مثل الخيام أو حافظ، ولكني تعلمته من فروغ: التي كانت تكتب عن الحب بجرأة، تجاوزت فيها كل الحدود".
فروغ نفسها ألمحت إلى هذا، ذات مرة عندما وصفت شِعرها بـ”الحاجة الضرورية للحياة مثل الأكل والنوم، او مثل شيء يشبه الهواء الذي نتنفسه".
وصف غولستان قصائد فرخزاد بأنها”متوافقة مع مشاعر الناس البسيطة”، مقللا من حجم تأثيره عليها.
“يعود الفضل الى جهودها الذاتية، فقد كانت تدرس وتتعلم كما لو كانت طالبة مجدة. كان لنشاطها أكبر التأثير في شعرها. فلم اراها يوما وهي غير منغمسة في الكتابة، كانت تعشق ذلك الأمر”.

عن: الغارديان