أخيل شارما يبحث عن الأمل في مجموعته القصصية الجديدة

Saturday 12th of August 2017 07:06:58 PM ,

ملحق اوراق ,

ترجمة : المدى
الكاتب الاميركي ذو الأصل الهندي أخيل شارما، يقدم لنا مجموعة قصص قصيرة جميلة، بعنوان (حياة من البهجة والإثارة) بأسلوب بسيط يتميز به هذا الكاتب الذي اصدر في الماضي روايتين هما: الأب المطيع وحياة عائلية، وهي سيرة حياة لعائلة هاجرت من الهند إلى أمريكا ثم دمرتها حادثة مروعة عندما يتعرض ابنها الأكبر لحادث في حمام سباحة

(يظهر الحادث مرة أخرى في واحدة من هذه القصص،”المحاصر بالنوم"). يتميز اسلوب شارما بالجمل القصيرة، وتجنب التعابير المجازية، لا يجعلك تشعر بالتصنع، البساطة هي كل عدّة شارما للتغلب على كل إغراءات الزيف، والأسلوب الكاذب والأفكار الجاهزة. وتسلط كتاباته ضوءها الشفاف، وبكل تعاطف، على تلك الشخصيات التي تعيش داخل العتمة التي تشوش حياتها وأفكارها. وهي، مثل الكاتب، تكافح من أجل الحقيقة.
في قصة”البئر"، نلتقي مع شاب غير سعيد، يشعر بالاحراج، من وزنه الزائد، وهو ابن لعائلة من المهاجرين الهنود في أمريكا، يعيش دائماً”قصة حب”مع شخص ما - في المرأة الأولى عشق امرأة ساحرة ومن ثم اعجب بصديقه له، والآن يعشق بيتي، وهي فتاة شقراء، تلعب التنس حاجته الملحة لتعاطف بيتي معه تجعله غافلاً تماماً لما هي عليه في الواقع، أو ماذا تريد. ومع ذلك هناك لحظة وضوح جميل في قلب القصة، حيث يتساءل لماذا،رغم انها لا تحبه كثيراً، سمحت لنفسها أن تكون حاملاً منه.”التفسير الوحيد الممكن هو أن هناك شيئاً فيها كان ضعيفاً ومرتبكاً، تماماً كما هو الحال معي. التعاطف الذي شعرت به، عند رؤيتها مستلقية هناك، في الظلام، وتتمتم مع نفسها، ابعدني لفترة وجيزة عن حماقاتي”.
فقط لفترة وجيزة، بالطبع: من الصعب جداً أن يعمل على مثل هذه الأفكار في حياته اليومية. وعلى أية حال، فإن بيتي لم تحبه. ما الذي يفترض القيام به، سوى محاولة إنقاذ نفسه، والحصول على ما يحتاج؟ يمكن أن تنتهي القصة بشكل عابث، إلا أن مشهدها الأخير، حيث يقوم الشاب ووالداه بأداء مراسيم جنازة في معبد سريرام بالقرب من برينستون، هو مشهد بشع نوعاً ما اكثر منه لطيفاً، في ذات الوقت. يبدو أن تلك الطقوس تحفل ببعض الأعمال الناقصة التي تخفف شعوره بالذنب و بالحيرة : أو على الأقل، تبعدها عنه. وفي القصص الأخرى أيضاً، فإن الصلوات والادعية في الجنازات وحفلات الزفاف التي لا يفهم نصفها - كما في صلاة أجاي لأجل أخيه المصاب بتلف في الدماغ في قصة”المحاصر بالنوم”- كلاهما غير ملائمين لمناسباتهما ويساعدان أيضاً على تقديم اطار ما للمصاعب والخسائر. و هذا ما جعل قصة”البئر”تنتهي بشكل متفائل: في طريقهم إلى البيت، تصفعه والدته فيقول لنفسه، انه أمر”جيد، فأنا استحق أن أًضرب".
في هذه القصص هناك عدد لا بأس به من الرجال التعساء، الذين يبحثون عن الأمل، وغالباً ما يفشلون في فهم النساء، اللاتي يصبحن أكثر غموضاً كلما ازدادت رغبة الرجال بهن. الأفراد قادرون على تقديم إيماءات مضيئة من الرقة والبصيرة، ولكن هذه لا تحدث تماماً في المكان المناسب، أو في اللحظة المناسبة. تتفاقم المشكلة إذا كان المهاجرون من الهند يتلمسون طريقهم بين العادات الأمريكية المحيرة. ومع ذلك، على الرغم من أن المواجهة بين الثقافات هي بالضرورة جزء من المواضيع التي يتناولها شارما في كتاباته بشكل رائع، إلا أنها ليست جوهر موضوعه: فالتشرد والهجرة وارتكاب الاخطاء هي أمور تبعث على الحيرة في الهند أيضاً، تدور احداث قصة”لو كنت تغني لي مثل ذلك”، في نيودلهي، بعد سبعة أشهر من زواجها تقرر الزوجة أن تقع في حب زوجها لأنها رأت كيف تحطم زواج والديها بسبب الأعمال العدائية غير المجدية. ونحن نعلم منذ البداية أن جهودها لا تستغرق سوى بضع ساعات ولا تفضي إلى نتيجة: الفتاة تجعل زوجها يفتح قلبه لها، وتبادله الحب بحماس، ثم يبدأ في الحديث، ويعترف بمكنونات نفسه لها - والتي يتضح أنها تتضمن قائمة من الإنجازات التي يريد تحقيقها، مثل الحصول على ترقية وشراء سيارة أجنبية. كان يريد أن يتزوج من فتاة تحمل شهادة الماجستير، ولكن والدته لم تكن توافق على النساء العاملات.”كنت على استعداد لتغيير رغباتي. لأنني كنت اؤمن بالحداثة". تستيقظ الزوجة الشابة في الليل، وفي الجملة الأخيرة من القصة. تقول”كنت اشعر بالبرد وحاولت أن ألف نفسي بغطاء الفراش، لكنه لم يكن واسعاً بما فيه الكفاية".

عن الغارديان