مكتبة برمنغهام بوابة رقمية تحتفي بالكلمة والإبداع

Saturday 4th of February 2017 06:04:43 PM ,

ملحق اوراق ,

إعداد - أحمد قوجة
يحزم أحمد أمتعته ليغادر بلده سوريا متوجهاً إلى بريطانيا ليكمل دراساته العليا في أدب شكسبير، ويقول: «على الرغم من شهرة شكسبير في العالم العربي إلا أن مؤلفاته كلها لن تجدها إلا في مكان واحد وهو مكتبة برمنغهام، حيث تحوي غرفة خاصة تضم كافة أعماله وخصوصاً النادر منها».

يصاحب أحمد في رحلته حمد، الباحث في المخطوطات الإسلامية النادرة، ويقول: «قرأت كثيراً عن مكتبة برمنغهام ولدي شغف كبير للاطلاع على كنوزها المعرفية وخصوصاً المخطوطات النادرة من القرآن الكريم، حيث تحوي صفحتين يبلغ عمرهما نحو 1370 عاماً وتعودان إلى زمن الخلفاء الثلاثة الأوائل».
حال أحمد وحمد، يماثل الكثير من الباحثين العرب وغيرهم ممن لديهم شغف الحصول على العلوم والمعارف في شتى المجالات.
التحديثات التي شملت المكتبة في السنوات الأخيرة لم تغفل جانب الأرشفة الرقمية والتحديثات الإلكترونية، حتى أضحت بوابة رقمية تحتفي بالكلمة والإبداع، وتعد «أضخم مجمع للفكر الإنساني»، كما قال مايك وايتباي رئيس مجلس مدينة برمنغهام. والمكتبة الجديدة نتاج عملية تطوير لمكتبة «برمنغهام» المركزية، المبنية سنة 1973، والتي صممت لاستبدال مكتبة برمنغهام المركزية القديمة. وأعيد افتتاحها في سبتمبر 2013 واستغرق بناؤها أكثر من ثلاثة أعوام. وتتألف من 41 طابقاً وتستقطب 3 ملايين زائر سنوياً، إضافة إلى ملايين الأشخاص الذين يزورونها عبر موقع الإنترنت، ووصفت بأنها أكبر مكتبة عامة في المملكة المتحدة، وأكبر مكتبة إقليمية في أوروبا.
تلك التحفة الهندسية المعمارية التي تحتفي بالكلمة والإبداع تقع وسط مدينة برمنغهام في ميدان سينتيناري، وهي ملحقة بمسرح الريبيرتوري ببريمنغهام «المعروف بالريب». وتتوسط مركزين ثقافيين كبيرين، هما مسرح ربرتوري ومركز حضاري سابق كان يطلق عليه اسم «باسكرفيل هاوس». وافتتحت للمرة الأولى عام 1865. وكانت تحتوي على قسم لإعارة الكتب فقط، ثم أضيف إليها قسم المطالعة في العام التالي. وبعد عامين جرى افتتاح «مكتبة شكسبير»، وهي غرفة خاصة تضم كل أعمال شكسبير وما كُتب عنه.
تحتوي المكتبة شتى أنواع الكتب العلمية والتاريخية والأدبية، وفيها كتب نادرة وصور قديمة تعود إلى مئات السنين، ويُقدر عدد المصادر الموجودة بها أكثر من 5 ملايين من الكتب، وتضم كتباً رقمية ومراجع إلكترونية وأقراصا مدمجة ورسومات وخرائط وأقراص الموسيقى وأفلام الديفيدي والمجلات والصحف، وحتى الكتب الحديثة التي تحقق أعلى المبيعات. وهناك أيضاً، عدد من الكتب المنوعة المسموعة في مجالات الأدب والتاريخ.
تضم المكتبة مركز الطفل الذي يحتوي كتباً ومجلات مختلفة، وقسماً مخصصاً لمساعدة الأطفال الصغار على تنمية عادة القراءة، ومركزاً للأعمال يشمل مراجع متعلقة بقطاع الأعمال. ومكتبة للإعارة تقدم كتباً ومجلات وأفلاماً تسجيلية وأقراصاً مدمجة، ومكتبة مراجع ومركزاً للتعلم يقدم دورات تدريبية ومعلومات ونصائح متعلقة بالفرص الوظيفية والتنمية الذاتية والمهارات الحياتية المختلفة، إضافة إلى مكتبة للموسيقى تحتوي على أقراص مدمجة وكتب تمكن قراءتها أو الاستماع إليها.
وتعرضت المكتبة في عام 1991 لحريق كبير أسفر عن احتراق مكتبة الأطفال، وجزء من الطابق السفلي من المبنى. وبعد عامين أنشئ «مركز الطفل» و«مركز الأعمال». وبعدها توالت عمليات التحديث والتطوير في المكتبة، فأضيفت خدمة الإنترنت عام 1998، ومركز التعلّم عام 2002.
انشئت مكتبة شكسبير التذكارية على يد جون هنري تشامبرلين في عام 1882، وهو عضو مؤسس في نادي شكسبير، وكان مسؤولاً عن إعادة بناء المكتبة المركزية القديمة بعد أن التهمت النيران المبنى الأصلي عام 1879. وتقع الغرفة التذكارية في الطابق الأول من المبنى. وتتميز بنمط عمرانها الإليزابيثي مع المنحوتات المطعمة والمشغولات المعدنية التي تمثل الطيور والزهور وأوراق الشجر.
أعمال شكسبير الخالدة لم تبقَ حبيسة الكتب والرفوف، بل دخلت العصر الرقمي الحديث، حيث نشرت المكتبة البريطانية بعض الطبعات الأولى لمسرحياته على شبكة الإنترنت، وتشمل 93 نسخة من 21 مسرحية، منها المسرحية الشهيرة «هاملت».
خصصت المكتبة جزأ من رفوفها للثقافات العالمية واللغات الأخرى، وتحتل اللغة الصينية حيزاً مهماً في هذا الجانب، وهناك اهتمام واضح بالجالية الصينية نظراً لتعدادها الكبير في مدينة برمنغهام. وهناك أيضاً قسم صغير يضمّ مجموعة مختارة من الكتب العربية.. منها: رواية «عمارة يعقوبيان» لعلاء الأسواني و«منامات» لجوخة الحارثي، كما توجد كتب لعبدالرحمن منيف ونجيب محفوظ وأنيس منصور وديوان المتنبي وترجمة لأعمال شكسبير وترجمات «هاري بوتر»، وغيرها. كما يضم قسم الأدب العربي ترجمات إنجليزية لعدد من الكتب الأدبية العربية. وتوجد أيضاً، كتب باللغات الأوردية والإيطالية والفرنسية والروسية والبولندية والتركية.. وغيرها.