نعم ان هتلر لا يزال حيأً.. الحلقة الثانية

Monday 26th of October 2015 05:30:40 PM ,

كان زمان ,

نعم ان هتلر لا يزال حيأً..
هذا هو عنوان التحقيق الصحفي الواسع الذي أثار اوربا كلها في هذه الايام، والذي بدأت آخر ساعة بنشره من الاسبوع الماضي، وتواصل هذا الاسبوع تكملته.
وفيما يلي تلخيص قصير للجزء الاول الذي نر بالفعل لكي يعيد الى ذاكرة القارئ ما يسمح له بمتابعة الجزء الجديد الذي تنشره آخر ساعة اليوم.


ثبت بأكثر من خمس عشرة قرينة، انه لا يوجد دليل واحد يقطع بوفاة هتلر وثبت ان رئيس المخابرات الاميركية السابق، وهو الذي كان مكلفاً بتقصي اخبار هتلر قد قال:
"اني اعتقد ان هتلر لا يزال حياً"
وكان هذا ايضا هو رأي العلماء الذين فحصوا بقايا دار المستشارية التي قيل ان هتلر لقي فيها مصرعه، وكذلك كان رأي تشرشل ورأي الماريشال زوكوف وظهرت اقوال هامة، عززتها ادلة قوية على ان هناك غواصات المانية مجهولة قامت برحلات غامضة من قواعد المانية في النرويج الى جهة مجهولة، ثم انتهى بها المطاف الى الارجنتين.
وقد تبين ان بعض الغواصات وبينها الغواصة ب- 530 قد استسلمت للسلطات الارجنتينية في ظروف غامضة مريبة.
وثبت ايضا من تحقيقات كثيرة، ان هذه الغواصات كانت مكلفة بمهمات مجهولة، من وقت استسلام المانيا الى حين استسلام هذه الغواصات نفسها في الارجنتين، بعد ثلاثة شهور امضتها هذه الغواصات في البحار العليا، دون ان يستطيع قوادها ان يقدموا حسابا واضحا عن كيف امضت غواصاتهم هذه الشهور الثلاثة.
وثبت اخيراً ان الستار نزل فجأة على سر هذه الغواصات فلم يعد احد يتكلم عنها.
فقد جاءت القنبلة الذرية، ثم استسلام اليابان، ثم محاكمات نورمبرج فأنست الناس قصة هذه الغواصات المثيرة. ومع ذلك فان الكشف عن سر هذا العصر واخطره: وهو وجود هتلر حيا ومكان اقامته.
ان سر هتلر يتصل بسر هذه الغواصات، وهناك رجال مثل الجنرال ايزنهاور وتشرشل وستالين يعتقدون ان هتلر لا يزال حياً.
ولكي نتلمس الطريق الى معرفة السر، يجب ان نعود الى مخبأ هتلر.
وبعد فهذه هي الحلقة الثانية في البحث عن سر هتلر وهي تبدأ .. في مخبأ هتلر!.
نزاع برلين.
لم يكد ينبلج فجر يوم 20 ابريل من عام 1945 حتى كانت برلين كلها تترنح وتحترق .. كان الماريشال جوكوف قد طوق المدينة – او مركز المقاومة فيها – بخمسة عشر ألف مدفع تصب نيرانها صبا على العاصمة المنكودة.. واستطاعت القوات الروسية، بعد منتصف الليل، ان ترفع علمها فوق مبنى الرايشتاغ، او ما بقي منه.
ولكن اين كان هتلر ! لقد قيل انه يشرف على الدفاع عن برلين من مخبئه في المستشارية، غير ان الحلفاء لم يكونوا يؤمنون بذلك.
فقد نشرت كل من الديلي ميل والتايمس اللندنيتين في صباح 20 ابريل خبراً جاء فيه ان هتلر يعاني سكرات الموت ومن المحتمل ان يكون قد لفظ انفاسه الاخيرة عند صدور الجريدتين نظراً لاصابته بنزيف دموي في المخ.
واذاعت محطة راديو "اطلنطيك" يوم 20 أبريل ان هتلر مات بالسكتة القلبية حينما كان يدافع عن برلين.
كل هذا وقع في يوم 20 أبريل سنة 1945 وهو، يتفق تماما كما سيظهر فيما بعد – مع الدعاية المسرحية التي تكفلت بها وزارة الدعاية النازية، لاخراج مسرحية عن موت الزعيم.
وفي مساء اليوم التالي، اي في اول مايو سنة 1945 اذاع راديو هامبورج الالماني ان هتلر مات بعد ظهر لك اليوم نفسه وهو يشرف على الدفاع عن برلين وعلى اثر اذاعة هذا الخبر، اعلن المذيع ان الاميرال دونتز سيوجه رسالة الى الشعب الالماني.
وتقدم الاميرال من المذياع واعلن – والعبرات تكاد تخنقه – سقوط زعيمه في ميدان القتال وهو يقاوم الزحف الشيوعي الى ان فاضت روحه.
وتشكك الروس – كما تشكك غيرهم في صحة هذه الانباء وقالت وكالة "تاس" الروسية ان قصة موت هتلر ليست سوى العوبة فاشية اخرى..
وفي صباح 2 مايو 1945 اذاعت قيادة الحلفاء بيانا جاء فيه: ان هنريش هملر اجتمع مع الكونت برنادوت في اوبيك، يوم 24 ابريل السابق، وفي خلال هذا الاجتماع اعترف هملر بأن هتلر مصاب بمرض خطير جداً، وانه من المحتمل ان يكون قد مات الآن، وعلى فرض انه لا يزال حياً فسوف لا يستمر ذلك اكثر من يومين اخرين وكان الجنرال شيللنبورغ حاضرا هذا الاجتماع، وامن على كلام هملر واضاف اليه ان الزعيم مصاب بنزيف دموع في المخ.
وهكذا يبدو جلياً ان تصريحات هملر والجنرال شيللنبورغ، تناقض مناقضة تامة الرواية التي اذاعها الاميرال دونتز بالراديو ومن الغريب ان السلطات الامريكية والانجليزية كانت مقتنعة في ذلك الوقت بموت هتلر بينما لم يكن عندها دليل على ذلك سوى اقوال هملر والجنرال شيللنبورغ والاذاعة الالمانية الرسمية وقد ثبت فيما بعد ان هملر كان كاذبا او على الاقل، كان غير مطلع على الحقيقة.
نزيف ام انتحار
سقطت برلين في 2 مايو ولم تهتم سلطات الحلفاء بشيء سوى البحث عن جثتي هتلر وجوبلز او اثرهما، وكان مركز بحثها دار المستشارية وما حواليه فقد اذاع راديو موسكو في 2 مايو ان الدكتور هانس فريتش مدير الدعاية النازية الذي وقع في اسر الروس صرح بان جوبلز انتحر، بعد ان قتل زوجته واولاده السبعة عندما تبين له ان برلين على وشك السقوط كما ان هتلر اصيب بشظايا القنابل السوفيتية فمات بسببها وان جثته دفنت في مكان لا يمكن اكتشافه وفي 8 مايو اذاعت قيادة الجيش البريطاني الثاني ان جنرالا روسياً صرح بان الروس عثروا بين انقاض دار المستشارية على جثة، قيل انها جثة هتلر، وايد ذلك جميع الخدم ، ماعدا واحداً منهم اكد انها جثة طباخ هتلر الذي يشبهه، وقد اغتيل بسبب هذا التشابه، وذكر انه مقتنع بان هتلر فر من برلين.
وقال هذا الجنرال الروسي ايضا، انه وجدت بين انقاض دار المستشارية بعض الجثث المحترقة التي قيل انها جثث جويلز وعائلته، ولكنها كانت مشوهة الى درجة كان من المستحيل معها التحقق من شخصية اصحابها، وهكذا لم يبق هنالك اي دليل على موت جويلز ايضاً.
وقول ذلك تبين من التحقيقات التي قامت بها سلطات الحلفاء ان هتلر لم يمت بسبب نزيف دموي. فقد استمعت هذه السلطات الى اقوال الدكتور ايروين جيشينج، وهو احد اطباء الجيش الاخصائيين في امراض الانف والحنجرة والاذن، فقد قال انه فحص هتلر في 15 فبراير سنة 1945 وانه لم يكن هناك اي احتمال لان يكون الزعيم قد مات بسبب نزيف دموي.
وقامت السلطات الروسية بتحقيق دقيق شامل، اثبتت فيه بطريقة قاطعة ان الجثة المحترقة التي وجدت بين انقاض دار المستشارية والتي قيل انها جثة هتلر، ليست جثته.
وظل الموقف على هذا الحال حتى 20 يونيو، عندما برز الى المسرح اريك هاينز كيميكي، سائق هتلر الخاص الذي صرح بانه حضر عملية حرق جثتي هتلر وايفا براون.
ومن المفيد ان نشير بشيء من التفصيل الى الشهادة التي ادلى بها امام سلطات الحلفاء حسب ما نقلته وكالات الانباء الرسمية في ذلك الوقت وهذا بعض ما جاء فيها:
انتحر هتلر وايفا براون يوم 13 ابريل في احدى غرف دار المستشارية، وكان هتلر قد تزوج ايفا قبل ذلك بيومين، واكد الشاهد انه اخرج بنفسه جثة ايفا براون من تلك الغرفة على أثر إنتحارها مع هتلر قبل فجر يوم (12) ابريل بمسدسات من نوع والتر.
وقال كيميكي ايضا: ان جوبلز وزوجته انتحرا في نفس المكان، في ليلة اول مايو. ثم صب البنزين في المكان واحرق.
وقال ايضاً: انه حضر عملية حرق جثتين هتلر وايفا براون كما حضر هذه العملية التي اجريت في دار المستشارية، كل من مارتن بورمان وجوبلز واوتو جيتس وهاينز لينجه وشخصان اخران نسي اسميهما. واضاف الى ذلك قوله: ان هتلر أمر بان تحرق جثته وجثة ايفا حتى لاتقعا في ايدي الروس، وكان هذا قبل انتحارهما بقليل.
ومن الثابت الان ان شهادة كيميكي – شاهد العيان هذا – كاذبة ومضللة فقد ثبت ان هتلر كان حياً يرزق، على الاقل حتى يوم 22 ابريل، اي بعد تأريخ انتحاره المزعوم بعشرة ايام.
ذلك لانه عقد آخر مجلس حربي في اقبية المستشارية كان من بين الذين حضروه الماريشال كيل والجنرال بودل ومارتن بورمان. ولقد سلم جرهارت هرجسيل كاتب اختزال هتلر الخاص وقائع تلك الجلسة الصاخبة، الى سلطات الحلفاء وادلى اليهم بمعلومت اخرى قيمة عن حياة الجنرال كمريبس رئيس هيئة اركان الحرب، الى دار المستشارية وابلغ هتلر ان الحالة في برلين اصبحت حرجة. واذ ذاك امر هتلر بنقل مقر قيادته الى برختسبجادن والا يبقى في برلين سوى نواة من رجال الجيش والطيران والبحرية.
المجلس الاخير
وابتدأت قنابل الروس تنصب بكثرة هائلة فو برلين منذ فجر 21 ابريل. وفي الساعة الخامسة من مساء اليوم التالي، كانت اصوات الانفجارات المخيفة تسمع حتى من المخبأ، وعند ذلك طلب هتلر ان يجتمع بكينل ويودل وبرومان على انفراد.
وعندما دخل هؤلاء على هتلر بادرهم هذا بقوله: "اني ارى اننا خسرنا كل شيء. سأبقى في برلين.. هنا في دار المستشارية فاني بهذه الطريقة استطيع ان اخدم شعبي اذ من الجنون مواصلة الكفاح".
وبعد فترة قصيرة من الصمت صاح بهم هتلر قائلاً.. "اخرجوا الان اذهبوا الى جنوب المانيا! اما انا فسأبقى هنا..لقد خسرنا كل شيء..".
فقاطعه الماريشال كيتل قائلا : "اننا لن نتركك. فاذا تخليت عنك فاني اخجل من النظر بعد ذلك الى زوجتي واولادي".
وعاد هتلر يأمرهم بالخروج فقاطعه بورمان هذه المرة وقال: "ستكون هذه المرة الاولى التي اعصي فيها اوامرك، انني لن اذهب".
وحاول الجنرال يودل عندئذ ان يأخذ قرار نهائيا من هتلر حول مواصلة الحرب فسأله .
هل نفهم من هذا إنك تتخلى عن إتخاذ قرار في مسألة مواصلة الحرب او عدمها
ولكن هتلر لم يُجب، بل التفت الى كيتل وبورمان وقال لهما: يجب ان تذهبا الى جنوب المانيا.
ثم نهض مشيراً الى انتهاء الاجتماع وفي مساء اليوم نفسه، اي في 22 ابريل غادر برلين بالطائرة جرهارت وزمليه كاتب الاختزال الثاني. وقبل مغادرته برلين بقليل سلمته ايفا براون رزمة صغيرة تحوي على خاتم ورسالة طويلة موجهة الى شخص لم يعرف اسمه، لانها وضعت في غلافين كان الاول منهما معنونا بأسم مولر مندوب بورمان في اوبرسالسبورج.هذا ملخص اقوال هرجيسيل ولقد ايدها كيتل وبودل فيما بعد، واكدا ان هتلر كان حيا في 22 ابريل، وكذلك ايفا براون وهكذا يتضح كذب سائق هتلر الخاص، الذي حاول ان يبرر كذبه فيما بعد فقال انه لم ير جثة هتلر وهي تحترق، بل رأى فقط حذاءه لان الجثة كان مغطاة.
والى هنا ثبت ان قصة حرق جثة هتلر ليست سوى قسم من المسرحية التي الفها هتلر حول موته.
وهناك شاهد عيان مزعوم اخر، هو كارنو احد رجال فرقة الصاعقة قرر انه حضر عملية حرق جثتي هتلر وايفا براون. ولكنه يناقض كيميك لانه يزعم ان الحادث وقع بعد ظهر اول مايو وليس في 13 ابريل.
وفي اوائل يوليو سمحت سلطات الاحتلال لمراسلي الصحف الانجليز والاميركيين بزيارة الموقع الذي زعم ان جثة هتلر احرقت فيه، وخرج الصحفيون من هذه الزيارة، وقد زادت شكوكهم في صدق الروايات الجديدة التي اذيعت من نهاية زعيم الرايخ.
واذاعت وكالة رويتر في "يونيو البرقية التالية:
ان القصة التي اذيعت عن موت هتلر لم تؤد الى الهدف الذي ترمي اليه، فان الفحص الذي اجري على الجثة التي زعموا انها جثة هتلر، اثبتت انها جثة رجل آخر شديد الشبه به واكد هذه النتيجة احد ضباط الماريشال جوكوف كما انه لم يعثر على اي اثر لجثة تشبه جثة ايفا براون وقد تأكد الخبراء الروس من هذا ايضاً.
وفي اول نوفمبر نشرت الحكومة البريطانية اول تقرير رسمي حاولت ان تثبت فيه ان هتلر قد مات. وقد استندت في هذا التقرير الى الظروف والملابسات وشهادات شهود العيان من الالمان. واختتمت الحكومة البريطانية تقريرها بهذه الكلمات: ان الادلة ليست كاملة ولكنها مقنعة.. ولا يوجد اي دليل على ان هتلر لايزال على قيد الحياة".
ولكن هذا التقرير ضعيف، والحجج والاسانيد التي اعتمدت عليها السلطات البريطانية واهية لا تصمد امام المنطق والادلة القانونية. اذ كيف يمكن اثبات موت شخص استنادا الى الظروف والملابسات..! ثم كيف يمكن التوفيق بين الشهادات العديدة المتناقضة كتلك التي ادلى بها كيميكي وكارنو؟ وهل يعتبر عجز الحلفاء عن العثور على هتلر دليلا على موته.؟
ولقد جاء في هذا التقرير ايضا ان هتلر عقد زواجه على ايفا براون في ليلة 29 ابريل، ولكن شهادة الزواج التي زعم الحلفاء انهم عثروا عليها، لم تكن تحمل تاريخ عقد هذا الزواج، او على الاصح كان التاريخ مشطوبا بصورة لا يمكن معها قراءته.
ويقول التقرير ايضا ان من بين الذين حضروا عملية حرق الجثة، الدكتور شتومفيجر. فهل حاول المسؤولون عن كتابة هذا التقرير، البحث في سبب دعوة هذا الدكتور لحضور عملية حرق الجثة؟ لقد كان شومفيجر جراح هتلر الخاص، وكان مشهوراً بجراحة غريبة من ابتكاره اطلق عليها اسم عملية الرباط الحريري" فهل كان وجوده ضروريا لعملية الحرق؟
لقد كان هذا الدكتور مشهوراً باجراء عملية يستطيع معها تعطيل الانسان عن العمل الى حين، ثم اعادته الى حالته الطبيعية وكذلك اصابته بشلل في احد اعضاء جسمه، وكان يعمل في مدينة رافنسبروك. ولكنه دعى فجأة في اواخر مارس عام 1945 الى الاقامة في مخبأ هتلر فحضر واحضر معه جميع الآلات والادوات التي كان يستخدمها في جراحته. فلماذا؟ ومن هو الشخص او الاشخاص الذين طلب منه ان يجرى عليهم عمليته المشهورة؟ لا احد يدري على وجه التحقيق، ولكنا نستطيع ان نستنتج شيئاً كثيراً من اقوال اولئك الاشخاص الذين زعموا ان هتلر قام بتوديعهم الوداع الاخير قبل انتحاره بقليل.


آخر ساعة/
تشرين الثاني- 1951