المتواجدون حالياً :57
من الضيوف : 57
من الاعضاء : 0
عدد الزيارات : 29072284
عدد الزيارات اليوم : 38991
أكثر عدد زيارات كان : 65472
في تاريخ : 14 /09 /2018
نشر ملحق ( ذاكرةٌ عراقية ) مؤخراً ، فصلا من كتاب نادر ، لا يُعرف عنه إلا القليل ، وهو كتاب ( تنبه العباد في مدينة السلام ) ، المطبوع في بيروت سنة 1887 . لمؤلف عراقي منسي ، كنا قد نوهنا به وبجهوده الكتابية ، في البحث المقدم الى أسبوع المدى الثقافي المقام في اربيل عام 2006 عن رواد التراث الشعبي
في العراق . وكثير ما سُئلت عن هذا الكاتب الرائد ، وأول من طالب بالتنبه اليه هو الدكتور الفاضل رشيد الخيوّن المشارك في اسبوع المدى يومذاك ... والحقيقة ان المعلومات عن الماريني شحيحة ، غير ان اظهر ما معروف عنه ، انه اخو الاب انستاس ماري الكرملي ، وهو اشهر من أن نعرّف به في هذه النبذة . في عام 1988 ،وبعد انتهاء محاضرة للأستاذ عبد الحميد العلوجي عن اسماء البغداديين في القرن التاسع عشر ، اعتمد فيه على مجموع مخطوط للاب انستاس ماري الكرملي ،جرت مناقشات مختلفة عن التراث العراقي المنسي وشوارد اخبار رواد الكتابة المنسيين . وقد نبه الاستاذ عزيز جاسم الحجية الى ان اخا للاب الكرملي يدعى الدكتور نابليون الماريني له كتاب مطبوع سنة 1887 باسم ( تنزه العباد ) ، ولم يطلع عليه لعدم وجوده في المكتبات التي يرتادها .وبعد ايام افادني الاستاذ صادق محمود الجميلي ذاكرا ان نسخة من الكتاب المذكور محفوظة في مكتبة المتحف العراقي ، مما اتاح لي الفرصة للاطلاع عليه ونقل بعض فوائده والكتابة عنه في جريدة الاتحاد البغدادية عام 1989 ..وبعد سنوات اردت الرجوع الى تلك النسخة النادرة فلم انال بغيتي ـ للاسف ـ . ولم ازل ابحث عن الكتاب الى ان أسعفني الاستاذ عدي ّعبد الكريم يوم 6 نيسان 2008 بنسخة مصورة من الكتاب ، فله مني الشكر الجزيل . وقد وجدت ان من المفيد الكتابة عن مؤلفه الماريني، وتذكير من له صلة باحياء الكتاب ونشره كاثر لطيف من اثار روادنا.
*****
في سنة 1753 قام الاباء الكرمليون بإحصاء جميع الكاثوليك ببغداد ، فوجدوا ان هناك 86 بيتا كاثوليكيا وعدد أفرادها 475 فردا. ولم يبق في أوائل القرن العشرين سوى 11 أو 12 بيتا، ومنها بيت جبران ، واصله من كركوك ،قدم جبران الجد الأعلى إلى بغداد في منتصف القرن الثامن عشر، وسكن محلة الميدان، وله : كوركيس وعبد الاحد وتيرزية وهيلانة والياس. والأخير توفي سنة 1823 ، ومن عقبه اوغسطين وقد عمل مصلحا للأسلحة ( جقماقجي)، وتوفي عام 1877 وتزوج من مرنة بنت رحماني الموصلي الكلداني ، ومن عقبه ابنته لولو او مريم، وقد تزوجت من ميخائيل بن يوسف عواد المشهور بميكائيل الماريني سنة 1852، واخوها فرنسيس اوغسطين جبران الذي عمل مدرسا في المدارس الدينية المسيحية ، وله مساهمات ادبية وعلمية ، وكان من مؤسسي مدرسة الاتفاق الشرقي الكاثوليكي سنة 1878 ، كما كان اول وكيل لمجلة ( المقتطف ) المصرية في العراق . انجبت (مريم) من ميخائيل يوسف عواد الماريني خمسة ذكور واربع اناث ، والذكور هم : مارين وتوماس ونابليون وبطرس ويوسف . وقد اشتهر منهم اثنان هما الرابع الذي عرف فبما بعد بالاب انستاس ماري الكرملي ، وشهرته اكبر من بيانها هنا ، والثالث وهو الدكتور نابليون الماريني صاحب كتاب ( تنزه العباد) . وتشير بعض المصادر ، ومنهم ابراهيم الدروبي في كتابه (البغداديون ) ان ميخائيل يوسف عواد من أسرة ايطالية نزحت الى لبنان ثم الى العراق . ومما وجدناه في رسائل نابليون الماريني الى شقيقه الأب الكرملي ما يؤيد ذلك ، غير ان ابن عمهما المدعو عواد منصور ذكر ان نابليون الماريني اكتسب الجنسية الايطالية ، واشاع النسب الايطالي ليتملص من الضرائب ، وان يكون في حماية القنصل الايطالي ( ملفات المركز الوطني للمخطوطات ببغداد ) . الا ان الكثيرين اكدوا في مواضع مختلفة ان نسب الكرملي يعود الى قبيلة ( مراد ) العربية التي نزحت من اليمن واستوطنت لبنان في قرية ( بحر صاف ) ، واشتهر منها ال عواد ، وفيها برز ميخائيل عواد الذي اتقن اكثر عشر لغات ، اهلته لان يعمل مترجما لاحد امراء ال بونابرت ، حتى سمى احد ابنائه نابليون . وامتهن ميخائيل الماريني بيع العاديات ، وله وصف طريف ذكره الرحالة الهولندي ( نيجوهلت ) في رحلته القيمة التي ترجمها الاستاذ مير بصري ،ونشرها بحلقات في جريدة ( البلد ) البغدادية في ستينيات القرن الماضي . ويذكر الاب الكرملي في ترجمة حياته في كتابه المخطوط ( مَعين المحقق ومُعين المدقق ) ان اباه جبرائيل عواد الماروني قد ابدل اسمه ميكائيل الماروني الى ميخائيل الماريني لأسباب سياسية مرّ بها لبنان . فرحل اى العراق مرافقا لأحد المنتمين لنابليون بونابرت ، واستقر في بغداد وتزوج فيها ، وادخل اولاده المدارس على الحاح من خالهم الشماس فرنسيس اوغسطين جبران .
*****
لا يعرف على وجه الدقة ، سنة ولادة نابليون الماريني ، وان كنا نميل الى سنة 1860 . غير انه اشتهر طبيبا يحمل لقب الدكتوراه ، وله عدد من البحوث الطبية بالغة الفرنسية ، وقام اخوه الاب الكرملي بترجمة بعضها الى اللغة العربية ونشرها في مجلة ( المشرق ) البيروتية التي اصدرها الاب لويس شيخو اليسوعي . ومن هذه البحوث : 1.البلمة او البلامات 1 (1898 ) ص 546. 2.البوسير واكتشاف دواء جديد لها 2 (1899) ص205 و ص302. 3.الفوز بالمراد في تعريف حبة بغداد 4 (1901) ص354 . 4.لماذا لايعيش الانسان مائة عام 5 ( 1902) ص1020 . 5.حبة بغداد 7 (1904 ) ص 653 و 693 .وقد جمع بحثه هذا في كتيب . وللماريني بعض المساهمات التراثية . وربما اعتنى بذلك بتاثير شقيقه الاب الكرملي . فقد نشرت له مجلة ( المشرق ) البيروتية مقالا عنوانه : ماورثه اهل العراق عن الاشوريين والكلدانيين العتاق ، سنة 1901 ، و مقالا عن مدينة هيت ( ...) ، واصدر كتابه ( تنزه العباد ) سنة 1887 . وتوفي سنة 1925 .
*****
صدر كتاب ( تنزه العباد في مدينة بغداد ) في بيروت 1887 ، وطبع بالمطبعة اللبنانية . وقد ذكر ان الكتاب طبع ثانية في السنة التالية في 116 صفحة ، ولم يتيسر لنا الاطلاع على تلك الطبعة التي تزيد على الطبعة الاولى بخمس وثلاثين صفحة . ذكر الماريني في مقدمة كتابه انه رأى مدارس بغداد خالية من كتاب يتضمن تاريخ بغداد وأحوالها القديمة والحديثة ...(( أخذتني الغيرة العربية ، وهزتني المحبة الوطنية ،لاضع نبذة تحتوي على جلّ ما تتطلبه الارادة ، وترتاده الافادة ، وتستوجبه العادة . فبعد ان صرفت يسيرا من الوقت مجيلا النظر في مطالعة بعض الكتب والجرائد التي قد ذكرت شيئا عن بغداد . تجنيت من ألطف الأفنان ألذ الأثمار ، وصومعته الى ما عندي فجاءت نبذة مفيدة في بابها ...ووسمتها بتنزه العباد في مدينة بغداد . وهي منقسمة الى قسمين لا اكثر لكي يتخرج الطالب فيها ويدرك ما قد اشتملت عليه من الفوائد الجمة باسهل مايرام ، ويستأصل في ذهنه كالنقش على الرخام )) . قسم الماريني كتابه الى قسمين ، الاول يتضمن تاريخ بغداد وموقعها واسماء الخلفاء المسلمين وولاة بغداد . اما القسم الثاني فيتضمن احوال بغداد الحديثة المعاصرة للمؤلف .